للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدِه. وليس بصَحِيحٍ؛ لأنَّه حُرُّ الأصْلِ، فلم يَثْبُتِ الوَلاءُ على ولدِه، كما لو كان عربيًّا. وسَواءٌ كان مسلمًا أو ذِمِّيًّا أو حَرْبِيًّا، أو مجهولَ النَّسَبِ أو مَعْلومَه. وهذا قولُ أبى يوسفَ، ومالكٍ [وابن سُرَيْجٍ] (٢٠). وقال القاضى: إن كان مَجْهولَ النَّسَبِ، ثَبَتَ الوَلاءُ على ولدِه لمَوْلَى الأُمِّ إن كانت مَوْلاةً. قال ابنُ اللَّبَّانِ: وهذا ظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ. وقال الْخَبرِىُّ: هدا قولُ أبى حنيفةَ، ومحمدٍ، وأحمدَ؛ لأنَّ مُقْتَضَى ثُبُوتِه لمَوْلَى الأُمِّ مَوْجودٌ، وإنَّما امْتَنعَ فى مَحَلِّ الوِفاقِ بحُرِّيَّةِ الأبِ، فإذا لم تكُنْ معلومَةً فقد وَقَعَ الشَّكُّ فى المانِع (٢١)، فيَبْقَى على الأصْلِ، ولا يزولُ عن اليَمينِ بالشكِّ، ولا يُتْرَكُ العملُ بالمُقْتَضِى مع الشكِّ فى المانِعِ. ولَنا، أَنَّ الأبَ حُرٌّ (٢٢) محكومٌ بحُرِّيَّتِه، فأشْبَهَ مَعْروفَ النَّسَبِ، ولأنَّ الأصْلَ فى الآدَمِيينَ الحُرِّيَّةُ وعَدَمُ الولاءِ، فلا يُتْرَكُ هذا الأصلُ بالوَهْمِ فى حَقِّ الولدِ، كما (٢٣) لم يُتْرَكْ فى حَق الأبِ. وقولُهم: مُقْتَضَى ثُبُوتِه لمَوْلَى الأُمِّ موجودٌ. ممنوعٌ؛ فإنَّه إنَّما ثَبَتَ لمَولى الأُمِّ بشَرْطِ رِقِّ الأبِ، وهذا الشَّرْط مُنْتَفٍ حُكْمًا وظاهرًا. وإن سَلَّمنا وُجودَ المُقْتَضِى، فقد ثَبَتَ المانعُ حُكْمًا، فإنَّ الأبَ حُرِّيَّتُه ثابتةٌ حُكْمًا، فلا تَعْوِيلَ على ما قَالُوه. وإن كان الأبُ مَوْلًى، والأُمُّ مجهولةَ النَّسَبِ، فلا وَلاءَ عليه فى قَوْلِنا. وقياسُ قولِ القاضى والشَّافعىِّ أن يَثْبُتَ الولاءُ عليه لمَوْلَى ابْنِه؛ لأنَّا شَكَكْنا فى المانِعِ من ثُبُوتِه. ولَنا، ما ذَكَرْنا فى التى قبلَها، ولأنَّ الأُمَّ لا تَخْلُو من أن تكونَ حُرّة الأصْلِ، فلا وَلاءَ على ولدِها، أو أمةً فيكونُ ولدُها عبدًا، أو مَوْلاةً فيكونُ على ولدِها الوَلاءُ لمَولى أبِيهِ. والاحْتمالُ الأولُ راجحٌ، لوَجْهَينِ؛ أحدهما، أنَّه مَحْكومٌ به فى الأُمِّ، فيجبُ الحُكْمُ به فى وَلَدِها. الثانى، أنَّه مُعْتَضِدٌ بالأصْلِ، فإنَّ الأصْلَ الْحُرِّيَّةُ، ثم لو لم يَتَرَجَّحْ هذا الاحْتمالُ، لَكان الاحتمالُ الذى صاروا إليه مُعارَضًا


(٢٠) فى م: "وشريح".
(٢١) فى م: "المنافع".
(٢٢) فى م: "حرم".
(٢٣) فى أزيادة: "لو".

<<  <  ج: ص:  >  >>