للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لِحَمْنةَ: "تَحَيَّضِى سِتَّةَ أيَّامٍ، أوْ سَبْعَةَ أيَّامٍ، في عِلْمِ اللهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِى وصَلِّى أَرْبَعًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً، أوْ ثَلَاثَةً وعِشْرِينَ لَيْلَةً وأيَّامَهَا". فقَدَّمَ حَيْضَها على الطُّهْرِ، ثم أمَرَها بالصَّلاةِ والصَّوْمِ في بَقِيَّتِه، ولأنَّ (١٨) المُبْتَدأَةَ تَجْلِسُ مِن أَوَّلِ الشهرِ، مع أنَّه لا عادَةَ لها، فكذلك النَّاسِيَةُ، ولأنَّ دَمَ الحَيْضِ دَمُ جِبِلَّةٍ، والاسْتِحَاضَةُ عَارِضَةٌ، فإذا رَأَتِ الدَّمَ، وَجَبَ تَغْلِيبُ دَمِ الحَيْضِ. والوَجْهُ الثَّانِى، أنَّها تَجْلِسُ أيَّامَها مِن الشهرِ بالتَّحَرِّى والاجْتِهَادِ. وهذا قَوْلُ أبى بكرٍ، وابْنِ أبى موسى؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَدَّهَا إلى اجْتِهَادِها في القَدْرِ بِقَوْلِه: "سِتًّا أو سَبْعًا". فكذلك في الزَّمَانِ، ولأنَّ لِلتَّحَرِّى (١٩) مَدْخَلًا في الحَيْضِ، بدليلِ أنَّ المُمَيِّزَةَ تَرْجِعُ إلى صِفَةِ الدَّمِ. فكذلك في زَمَنِه، فإنْ تَسَاوَى عِنْدَها الزَّمَانُ كُلُّه، ولم يَغْلِبْ على ظَنِّها شيءٌ، تَعَيَّنَ إجْلاسُها مِنْ أوَّلِ الشهرِ؛ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ فيما سِوَاهُ.

القِسْمُ الثَّانِى، النَّاسِيَةُ لِعَدَدِهَا دُونَ وَقْتِها، كالتى تَعْلَمُ أنَّ حَيْضَها في العشرِ الأُوَلِ مِن الشهرِ، ولا تَعْلَمُ عَدَدَه، فهى في قَدْرِ ما تَجْلِسُه كالمُتَحَيِّرَةِ، تَجْلِسُ سِتًّا أوْ سَبْعًا، في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْن، إلَّا أنَّها تَجْلِسُها مِن العَشْرِ دُونَ غيرِها، وهل تَجْلِسُها مِنْ أوَّلِ العَشْرِ، أو بالتَّحَرِّى؟ على وَجْهَيْن. وإنْ قالتْ: أعْلَمُ أنَّنِى كُنْتُ أوَّلَ الشَّهْرِ حائِضًا، ولا أعْلَمُ آخِرَه. أو أنَّنِى كُنْتُ آخِرَ الشَّهْرِ حائِضًا ولا أعْلَمُ أوَّلَه. أو لا أَعْلَمُ هل كان ذلك أوَّلَ حَيْضِى أو آخِرَه؟ حَيَّضْنَاهَا اليومَ الذي عَلِمَتْهُ، وأَتَمَّتْ بَقِيَّةَ حَيْضِها مِمَّا بَعْدَه في الصُّورةِ الأُولَى، ومِمَّا قَبْلَه في الثَّانِية، وبِالتَّحَرِّى فِي الثَّالِثَةِ، أو مِمَّا يَلِى أوَّلَ الشَّهْرِ، على اخْتِلَافِ الوَجْهَيْنِ.

القِسْمُ الثَّالِثُ، النَّاسِيَة لِوَقْتِها دُونَ عَدَدِها، وهذه تَتَنَوَّعُ نَوْعَيْن: أحَدُهما، أنْ لا تَعْلَمَ لها وَقْتًا أصْلًا، مِثْلَ أنْ تَعْلَمَ أَنَّ حَيْضَها خمسةُ أيَّامٍ، فإنَّها تَجْلِسُ خمسةَ أيَّامٍ (٢٠) مِنْ كُلِّ شهرٍ؛ إمَّا مِنْ أوَّلِه، أو بِالتَّحَرِّى، على اخْتِلافِ الوَجْهَين. والثَّانِى،


(١٨) في الأصل: "لأن".
(١٩) في م: "التحرى".
(٢٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>