للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُه: "ولا يَرِثُ النساءُ من الوَلَاءِ". [أى بالوَلاءِ] (٢)؛ لما قَدَّمْنا من أَنَّ الوَلاءَ لا يُورَثُ، ولهذا قال: "إلَّا ما أعْتَقْنَ". ومُعْتَقَهُنَّ وَلاؤُه لَهُنَّ، فكيف يَرِثْنَه! والظَّاهرُ من المَذْهبِ أَنَّ النِّساءَ لا يَرِثْنَ بالوَلاءِ إلَّا ما أَعْتَقْنَ، أو أعْتَقَ مَن أعْتَقْنَ، جَرَّ (٣) الوَلاءَ إليهنَّ مَنْ أَعْتَقْنَ. والكتابةُ كذلك؛ فإنَّها إعْتاقٌ. قال القاضى: هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ. والرِّوايةُ التى ذكرَها الخِرَقِىُّ فى ابْنَةِ المعْتِقِ ما وَجَدْتُها مَنْصوصةً عنه. وقد قال، فى روايةِ ابنِ القاسمِ، وقد سأَلَه: [هل كان المَولىَ لحَمْزَةَ] (٤) أو لِابْنَتِه؟ فقال: لِابْنَتِه (٥). فقد نَصَّ على أَنَّ ابنةَ حمزةَ وَرِثَتْ بوَلاءِ نَفْسِها؛ لأنَّها هى المُعْتِقةُ. وهذا قولُ الجمهورِ، وهو قولُ مَن سَمَّيْنا فى أوَّلِ البابِ من الصَّحابةِ والتَّابِعينَ ومَنْ (٦) بَعْدَهم غيرَ شُرَيْحٍ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لإِجْماعِ الصَّحابةِ ومَنْ بعدَهم عليه، ولأنَّ الوَلاءَ لُحْمةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ، والمَوْلَى كالنَّسِيبِ من الأخٍ والعَمِّ ونحوِهما، فوَلَدُه من العَتِيقِ بمنزلةِ وَلَدِ أخِيه وعَمِّه، ولا يَرِثُ منهم إلَّا الذُّكورُ خاصَّةً. فأمَّا روايةُ الْخِرَقِىِّ فى بِنْتِ المُعْتقِ، فوَجْهُها ما رَوَى إبراهيمُ النَّخعِىُّ، أَنَّ مَوْلًى لحمزةَ مات، وخَلَّفَ بِنْتًا، فوَرَّثَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِنْتَهُ النِّصْفَ، وجَعلَ لبنتِ حمزةَ النِّصْفَ (٧). والصَّحِيحُ أن المَولى كان لبنتِ حَمْزةَ. قال عبدُ اللَّه بن شَدَّادٍ: كان لبنتِ حمزةَ مولًى أعْتَقَتْه، فمات، وتركَ ابْنَتَه ومَوْلاتَه بنت حمزةَ، فُرفِعَ ذلك إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعْطَى ابْنَتَه النِّصْفَ، وأعطَى مَوْلاتَه بنتَ حمزةَ النِّصْفَ. قال عبدُ اللَّه بن شَدَّادٍ: أنا أعلمُ بها؛ لأنَّها أُخْتِى من أُمِّى، أُمُّنا سَلْمَى. روَاه ابن اللَّبَّانِ بإسْنادِه (٧)، وقال: هذا أصَحُّ ممَّا رَوَى إبراهيمُ. ولأنَّ البِنْتَ من النِّساءِ، فلا تَرِثُ بالوَلاءِ كسائرِ النِّساءِ. فأمَّا تَوْرِيثُ المرأةِ من مُعْتَقِها، ومُعْتَقِ


(٢) سقط من: م.
(٣) فى م: "وجر".
(٤) فى م: "على كان لمولى حمزة". تصحيف وتحريف.
(٥) سقط من: م.
(٦) سقطت الواو من: أ.
(٧) انظر ما تقدم تخريجه فى صفحة ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>