للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَساكينِ، وابنِ السبيلِ. وأسْقَطُوا سهمَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمَوْتِه، وسهمَ قرابَتِه أيضًا. وقال مالكٌ: الفىءُ والخمسُ واحدٌ، يُجْعَلانِ فى بيتِ المالِ. قال ابنُ القاسمِ: وبَلَغَنِى عَمَّن أثِقُ به، أنَّ مالكًا قال: يُعْطِى الإِمامُ أقْرِباءَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما يَرَى. وقال الثَّوْرِىُّ: الخُمْسُ (٢٠) يَضَعُه الإِمامُ حيث أَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. وسهمُ اللَّهِ والرسولِ واحدٌ. كذا قال عَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ. وقال الحسنُ بن محمدِ بن الحَنَفِيَّةِ وغيرُه: قولُه: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} افْتِتاحُ كلامٍ. يَعْنِى أن ذِكْرَ اللَّه تعالى لِافْتِتاحِ الكلامِ باسْمِه (٢١)، تَبَرُّكًا به. لا لإِفْرادِه بسَهْمٍ، فإنَّ للَّه تعالى الدُّنْيا والآخرةَ. وقد رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وابنِ عبَّاسٍ، قالا: كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقَسِّمُ الخُمسَ على خَمْسةٍ (٢٢). وما ذكَره أبو الْعاليةِ فشىءٌ لا يَدُلُّ عليه رَأْىٌ، ولا يَقْتَضِيه قياسٌ، ولا يُصارُ إليه إلَّا بِنَصٍّ صَحيحٍ يَجِبُ التسليمُ له، ولا نَعْلَمُ فى ذلك أثرًا صحيحًا، سِوَى قولِه، فلا يُتْرَكُ ظاهرُ النصِّ وقولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفِعْلُه من أجلِ قولِ أبى العاليةِ. وما قالَه أبو حنيفةَ، فمُخالِفٌ لظاهِرِ الآيةِ؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى سَمَّى لِرَسُولِه وقَرابَتِه شيئًا، وجَعَلَ لهما فى الخُمْسِ حَقًّا، كما سَمَّى للثَّلاثَةِ الأصْنافِ الباقيةِ، فمَنْ خالَفَ ذلك، فقد خالفَ نَصَّ الكتابِ. وأمَّا حَمْلُ أبى بكرٍ وعمرَ، رَضِىَ اللَّه عنهما، على سَهْمِ ذى القُرْبَى فى سبيلِ اللَّه، فقد ذُكِرَ لأحمدَ، فسَكَتَ، وحَرَّك رَأْسَه، ولم يَذْهَبْ إليه، ورَأى أن قولَ ابنِ عباسٍ ومَنْ وافَقه أَوْلَى؛ لمُوافَقَتِه (٢٣) كتابَ اللَّهِ تعالى وسُنَّةَ رَسُولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ لمَّا سُئِلَ عن سَهْمِ ذِى القُرْبَى، قال: إنّا


(٢٠) فى م: "والحسن".
(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٧١. عن ابن عمر. والبيهقى، فى: باب بيان مصرف الغنيمة فى ابتداء الإسلام. . .، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى ٦/ ٢٩٣. عن ابن عباس.
(٢٣) فى الأصل، أ، ب: "لموافقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>