للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمينَ، وكذلك يَنْتَفِعونَ بالعُبُورِ على القناطرِ والجُسُورِ المَعْقُودةِ بذلك المالِ، وبالأنهارِ والطُّرُقاتِ التى أُصْلِحَتْ به. وسياقُ كلامِه يَدُلُّ على أنَّه ليس مُخْتَصًّا بالجُنْدِ وإنما هو مَصْروفٌ فى مصالحِ المسلمينَ، لكن يبدأُ بجُنْدِ المسلمينَ؛ لأنَّهم أهَمُّ (٧) المصالحِ؛ لكَوْنِهم يَحْفَظُونَ المسلمينَ، فيُعْطوْنَ كِفَاياتِهِم، فما فَضَلَ قُدِّمَ الأهَمُّ فالأهَمُّ من عِمارَةِ [الثُّغُورِ وكِفَايَتِها بالأَسْلِحةِ والكُراعِ (٨)، وما يُحْتاجُ إليه، ثم الأهَمُّ فالأهَمُّ، من عِمارةِ] (٩) المساجدِ والقَناطرِ، وإصلاحِ الطُّرقِ، وكِراءِ الأنهارِ، وسَدِّ بُثُوقِها، وأرْزاقِ القُضاةِ والأئمةِ والمُؤَذِّنينَ والفُقَهاءِ، ونحو ذلك ممَّا للمسلمينَ فيه نَفْعٌ. وللشافعىِّ قولان، كنحوٍ مما (١٠) ذكَرْناه (١١). واحْتَجُّوا على أَنَّ أرْبعةَ أخْماسِ الفَىْءِ كان لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حياتِه، بما رَوَى مالكُ بن أوْسِ بن الحَدَثانِ قال: سمعتُ عمرَ ابن الخَطَّابِ، والعباسُ وعلىٌّ يَخْتَصِمان إليه فى أمْوالِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال عمرُ: كانت أموالُ بنى النَّضِيرِ ممَّا أفاءَ اللَّه على رَسُولِه، ممَّا لم يُوجِفِ المسلمونَ عليه بخَيْلٍ ولا رِكَابٍ. وكانتْ (١٢) لرَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خالصًا دون المسلمينَ، وكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُنْفِقُ منها على أهْلِه نَفَقةَ سَنَتِه، فما فَضَلَ جعَلَه فى الكُرَاعِ والسِّلاحِ، ثم تُوُفِّىَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوَلِيهَا أبو بكرٍ بمِثْلِ ما وَلِيَها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم وَلِيتُها بمِثلِ ما وَلِيهَا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكرٍ. مُتْفَقٌ عليه (١٣). إلَّا أَنَّ فيه: يجْعَلُ ما بَقِىَ أُسْوةَ المالِ. وظاهرُ (١٤) أخْبارِ


(٧) فى ب: "لهم".
(٨) الكراع: اسم يشمل الخيل والسلاح.
(٩) سقط من: ب.
(١٠) فى أ، ب: "ما".
(١١) فى ب: "ذكرنا".
(١٢) فى م: "وكان".
(١٣) أخرجه البخارى، فى: باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه، من كتاب الجهاد، وفى: باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال، من كتاب النفقات، وفى: باب قول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا نورث ما تركنا صدقة، من كتاب الفرائض، وفى: باب ما يكره من التعمق والتنازع فى العلم والغلو فى الدين والبدع، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى ٤/ ٤٦، ٧/ ٨١، ٨٢، ٨/ ١٨٥، ١٨٦، ٩/ ١٢١، ١٢٢، ١٢٣ ومسلم، فى: باب حكم الفىء، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٩.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى صفايا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأموال، من كتاب الإِمارة. سنن أبى داود ٢/ ١٢٥ - ١٢٧، والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٥، ٤٨, ٦٠، ٢٠٨, ٢٠٩.
(١٤) فى أ: "فظاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>