للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الآباءِ من الأمْرِ شىءٌ. ولأنَّه عَقْدٌ يَقِفُ على الفَسْخِ، فوَقفَ على الإجازةِ، كالوَصِيَّةِ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّما امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَها بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّها، فَنِكَاحُها بَاطِلٌ" (٩). وقال: "إِذَا نكَحَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِه، فَنِكَاحُهُ باطلٌ". روَاه أبو داودَ، وابنُ ماجَه (١٠). إلَّا أن أبا داودَ قال: هو (١١) مَوْقوفٌ على ابن عُمَرَ. ولأنَّه عَقْدٌ لا تَثْبُتُ فيه أحْكامُه؛ من الطَّلاقِ، والخُلْعِ، واللِّعانِ، والتَّوارُثِ، وغيرها، فلم يَنْعَقِدْ، كنِكاحِ المعْتَدَّةِ. فأمَّا حديثُ المرأةِ التى خَيَّرَها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو مُرْسَلٌ عن عِكْرِمةَ، روَاه النَّاسُ كذلك، ولم يذكرُوا ابنَ عباسٍ. قالَه أبو داودَ. ثم يَحْتَمِلُ أَنَّ هذه المرأةَ هى التى قالت: زَوَّجَنِى من ابن أخِيه ليَرْفَعَ بى خَسِيسَتَه. فَخَيَّرَها (١٢) لتَزْوِيجِها من غيرِ كُفْئِها (١٣)، وهذا يثبِتُ الخيارَ ولا يبطِلُ النِّكَاحَ، والوصيةُ يَتراخَى فيها القَبُولُ، وتجوزُ بعد الموتِ، فهى مَعْدُولٌ بها عن سائرِ التَّصَرُّفاتِ، ولا تَفْرِيعَ على هذه الرِّوايةِ لوُضُوحِها. فأمَّا على الرِّوايهِ الأُخْرَى، فإنَّ الشهادةَ تُعْتَبرُ فى العَقْدِ؛ لأنَّها شَرْطٌ له، فيُعْتَبرُ وُجُودُها معه، كالقَبُولِ، ولا تعتبرُ فى الاجازةِ؛ لأنَّها ليست بعَقْدٍ، ولأنَّها إذا وُجِدَتْ، اسْتَنَدَ المِلْكُ إلى حالةِ العَقْدِ، حتى لو كان فى العَقْدِ نَماءُ مِلْكٍ من حينِ [العَقْدِ، لا من حينِ] (١٤) الإجازةِ. وإن مات أحَدُهما قبلَ الإجازةِ، لم يَرِثْه الآخَرُ؛


= فى: باب من زوج ابنته وهى كارهة، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٢.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ١٣٦.
(٩) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٨٨، وصفحة ٣٤٥.
(١٠) أخرجه أبو داود، فى: باب فى نكاح العبد بغير إذن مواليه، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٨٠. وابن ماجه، فى: باب تزويج العبد بغير إذن سيده، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٣٠.
كما أخرجه الدارمى، فى: باب فى العبد يتزوج بغر إذن من سيده، من كتاب النكاح. سنن الدارمى ٢/ ١٥٢.
(١١) فى م: "إنه".
(١٢) فى أ، ب، م: "فتخييرها".
(١٣) فى الأصل: "كفو".
(١٤) سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>