للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَوْفٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، وبه قال عطاءٌ، والحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، وقَتادةُ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال القاسمُ بن محمدٍ، وسالمُ بن عبدِ اللَّه، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، والزُّهْرِىُّ، ورَبِيعةُ، ومالكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وداودُ: له نِكاحُ أرْبَعٍ؛ لعُمُومِ الآية، ولأنَّ هذا (٣) طَرِيقُهُ (٤) اللَّذّةُ والشَّهْوةُ، فساوَى العَبْدُ الحُرَّ فيه، كالمَأْكُولِ. ولَنا، قولُ مَن سَمَّيْنَا من الصَّحابةِ، ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِفٌ فى عَصْرِهِم، فكان (٥) إجماعًا. وقد رَوَى لَيْثُ بن أبى سُلَيْمٍ، عن الحَكَمِ بن عُتَيْبَةَ (٦)، قال: أجْمَعَ أصحابُ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أَنَّ العَبْدَ لا يَنْكِحُ أكثرَ من اثْنَتَيْنِ (٧). ويُقَوِّى هذا ما رَوَى الإِمامُ أحمدُ، بإسْنادِه عن محمدِ بن سِيرِينَ، أَنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، سَأَلَ الناسَ: كم يتَزَوَّجُ العَبْدُ؟ فقال عبدُ الرحمنِ بن عَوْفٍ: باثْنَتَيْنِ (٨)، وطَلَاقُه باثْنَتَيْنِ (٨). فدَلَّ (٩) هذا على أَنَّ ذلك كان بمَحْضرٍ من الصَّحابةِ وغيرِهم، فلم يُنْكَرْ، وهذا يَخُصُّ عُمُومَ الآيةِ، على أَنَّ فيها ما يَدُلُّ على إرادةِ الأحْرارِ، وهو قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١٠). ويُفارِقُ النِّكاحُ المَأْكُولَ، فإنَّه مَبْنِىٌّ على التَّفَضُّلِ (١١). ولهذا فارَقَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه أُمَّتَه، ولأنَّ فيه مِلْكًا، والعَبْدُ يَنْقُصُ فى المِلْكِ عن الحُرِّ.


(٣) فى الأصل، م: "هذه".
(٤) فى م: "طريقة".
(٥) فى ب: "فيكون".
(٦) فى الأصل، أ، م: "عقبة". وتقدم فى: ٣/ ٤٤٩.
(٧) أخرجه البيهقى، فى: باب نكاح العبد وطلاقه، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٥٨.
(٨) فى الأصل، أ، ب: "ثنتين".
وأخرجه الشافعى، فى: باب فى العدة، من كتاب الطلاق. ترتيب مسند الإِمام الشافعى ٢/ ٥٧. والبيهقى، فى: باب نكاح العبد وطلاقه، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٥٨.
(٩) فى الأصل: "ويدل".
(١٠) سورة النساء ٣.
(١١) لعل الصواب: "التفضيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>