للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثِ عثمان بن أبي العَاصِ، أنَّها (٤) أتَتْهُ قبلَ الأربعين، فقال: لا تَقْرَبِينِى (٥). ولأنَّه لا يَأْمَنُ عَوْدَ الدَّمِ في زَمَنِ الوَطْءِ، فيكونُ وَاطِئًا في نِفاسٍ، وهذا على سبيلِ الاسْتِحْبَابِ، فإنَّا حَكَمْنا لها بأحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ، ولِهذا يَلْزَمُها أنْ تَغْتَسِلَ، وتُصَلِّىَ (٦)، وتَصُومَ. وإنْ عاوَدَها (٧) في مُدَّةِ الأرْبعين ففيه رِوَايَتَان. إحْداهما، أنَّه مِنْ نِفَاسِها، تَدَعُ له الصَّوْمَ والصَّلَاةَ. نَقَلَ عنه أحمدُ بنُ القَاسِمِ أنَّه قال: فإنْ عاوَدَها الدَّمُ قبلَ الأربعين، أمْسَكَتْ عن الصَّلَاةِ والصَّوْمِ، فإنْ طَهُرَتْ أيضًا اغْتَسَلَتْ وصَلَّتْ وصَامَتْ. وهذا قولُ عَطَاءٍ، والشَّعْبِىِّ؛ لأنَّه دَمٌ في زَمَنِ النِّفَاسِ، فكان نِفَاسًا كالأوَّلِ، وكما لو اتَّصَلَ. والثَّانِيَةُ، أنَّه مَشْكُوكٌ فيه، تَصُومُ وتُصَلِّى، ثم تَقْضِى الصَّوْمَ احْتِيَاطًا. وهذه الرِّوَايَةُ المَشْهُورَةُ عنه، نَقَلَها الأثْرَمُ، وغيره. ولا يَأْتِيها زَوْجُها، وإنَّما أَلْزَمَها فِعْلَ العِباداتِ في هذا الدَّمِ، لأنَّ سَبَبَها مُتَيَقَّنٌ، وسُقُوطَها بهذا الدَّمِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ اليَقِينُ بالشَّكِّ، وأمَرَهَا بالقَضاءِ احْتِيَاطًا؛ لأنَّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ والصَّوْمِ مُتَيَقَّنٌ، وسُقُوطَ الصَّوْمِ بِفِعْلِه في هذا الدَّمِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ بالشَّكِّ. والفَرْقُ بين هذا الدَّمِ وبينَ الزَّائِدِ على السِّتِّ والسَّبْعِ في حَقِّ النَّاسِيَةِ، حيثُ لا يَجِبُ قَضَاءُ ما صَامَتْهُ فيه مع الشَّكّ، أنَّ الغَالِبَ مع عَاداتِ النِّسَاءِ سِتٌّ أو سَبْعٌ، وما زادَ عليه نَادِرٌ بخلافِ النِّفَاسِ، ولأنَّ الحَيْضَ يَتَكَرَّرُ، فيَشُقُّ إيجابُ القَضَاءِ فيه، والنِّفَاسُ بخلافِه، وكذلك الدَّمُ الزَائِدُ عن العادَةِ في الحَيْضِ. وقال مالكٌ: إنْ رَأتِ الدَّمَ بعدَ يَومَيْن أو ثلاثةٍ، فهو نِفَاسٌ، وإنْ تباعدَ ما بينهما، فهو حَيْضٌ. ولأصْحابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهَان فيما إذا رَأَتِ الدَّمَ يومًا وليلةً بعدَ طُهْرِ خمسةَ عشرَ يومًا: أحَدُهما، يكونُ حَيْضًا. والثانِى، يكون نِفاسًا. وقال القاضي: إنْ رَأَتِ الدَّمَ أقَلَّ مِنْ يومٍ وليلةٍ بعدَ طُهْرِ خَمْسَةَ عشرَ يومًا، فهو دَمُ


(٤) في الأصل: "أنه".
(٥) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحيض. سنن الدارقطني ١/ ٢٢٠. والبيهقي، في: باب النفاس، من كتاب الحيض. السنن الكبرى ١/ ٣٤٢.
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) في م: "عاد دمها".

<<  <  ج: ص:  >  >>