للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها، كيف يأْكُلُ معها يَنْظُرُ إلى كَفِّها (٧٠)! لا يَحِلُّ له ذلك. وقال القاضى: يَحْرُمُ عليه النَّظرُ إلى ما عَدَا الوَجْهَ والكَفَّينِ؛ لأنَّه عَوْرةٌ، ويباحُ له النَّظرُ إليهما (٧١) مع الكراهةِ إذا أَمِنَ الفِتْنةَ، ونَظَرَ لغيرِ (٧٢) شَهْوةٍ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}. قال ابنُ عباسٍ: الوَجْهَ والكَفَّيْنِ. ورَوَتْ عائشةُ، أَنَّ أسْماءَ بنتَ أبى بكرٍ، دَخَلَتْ على رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى ثِيابٍ رِقَاقٍ، فأعْرَضَ عنها، وقال: "يَا أَسْمَاءُ، إنَّ الْمَرْأةَ إذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هذَا وهذَا". وأشار إلى وَجْهِه كفَّيْه (٧٣). رواه أبو بكرٍ، وغيرُه. ولأنَّه ليس بعَوْرةٍ، فلم يَحْرُمِ النَّظرُ إليه بغيرِ ريِبَةٍ، كوَجْهِ الرَّجُلِ. ولنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (٧٤). وقولُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا كَانَ لإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبُ، فمَلَكَ مَا يُؤَدِّى، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ" (٧٥). وعن أُمِّ سَلَمةَ، قالت: كنتُ قاعدةً عندَ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنا وحَفْصَةُ، فاسْتَأْذَنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احْتَجِبْنَ مِنْهُ". روَاه أبو دَاوُد (٧٦). وكان الفَضْلُ بن عباس رَدِيفَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاءَتْه (٧٧) الخَثْعَمِيَّةُ تَسْتَفْتِيه، فجعل الفضلُ ينظرُ إليها وتنظرُ إليه، فصَرَفَ رسولُ اللَّه


(٧٠) فى أ، ب: "كفيها".
(٧١) فى م: "إليها".
(٧٢) فى الأصل: "بغير".
(٧٣) أخرجه أبو داود، فى: باب فيما تبدى المرأة من زينها، من كتاب اللباس. سنن أبى داود ٢/ ٣٨٣. والبيهقى، فى: باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر إليها عند الحاجة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ٨٦.
(٧٤) سورة الأحزاب ٥٣.
(٧٥) تقدم تخريجه فى صفحة ١٢٥.
(٧٦) فى: باب فى قوله: {غَيْرِ أُولِى الْإِرْبَةِ}، من كتاب اللباس. سنن أبى داود ٢/ ٣٨٤.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى احتجاب النساء من الرجال، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى ١٠/ ٢٣٠. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٢٩٦.
(٧٧) فى الأصل زيادة: "أسماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>