للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: على هذا جماعةُ فُقَهاءِ الأمْصارِ، وجمهورُ العلماءِ، وما خالَفَه فشُذُوذٌ لا يُعَدُّ خِلافًا. ولم (٦) يَبْلُغْنا إباحةُ ذلك إلَّا عن طاوُسٍ، ووَجْهُ قولِه عُمُوم قولِه تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٧). والآية الأُخْرَى (٨). وروَى أبو سعيدٍ، أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَثَ يومَ حُنَيْن بَعْثًا قِبَلَ أوْطاسٍ (٩)، فأصابُوا لهم (١٠) سَبَايَا، فَكَأَنَّ ناسًا من أصحابِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تَحَرَّجُوا من غِشْيانِهِنَّ، من أجْلِ أزْواجِهِنَّ من المُشْركِين، فأنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فى ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. قال: فهُنَّ لهم حَلالٌ إذا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. وعنه، أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فى سَبايَا أَوْطاسٍ: "لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً". رواهما أبو داودَ (١١). وهو حديثٌ صحيحٌ. وهم عَبَدَةُ أوْثانٍ. وهذا ظاهرٌ فى إباحَتِهِنَّ، ولأنَّ الصحابةَ فى عصرِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أكثرُ سَباياهم من كُفَّارِ العَرَبِ، وهم عَبَدَةُ أوْثانٍ، فلم يكونُوا يَرَوْنَ تحَرْيمَهُنَّ لذلك، ولا نُقِلَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَحْرِيمُهُنَّ، ولا أمَرَ الصَّحابةَ باجْتِنابِهِنَّ، وقد دَفَعَ أبو بكرٍ إلى سَلَمةَ بن الأكْوَعِ امرأةً من بعضِ السَّبْىِ، نَفَلَها إيَّاه، وأخَذَ عمرُ وابنُه من سَبْىِ هَوازِنَ، [وكذلك غيرُهما] (١٢) من الصَّحابةِ، والحَنَفِيَّة أُمُّ محمدِ بن الْحَنفِيَّةِ من


(٦) فى الأصل: "ولا".
(٧) سورة النساء ٢٤.
(٨) التى سبقت فى أول المسألة.
(٩) أوطاس: موضع على ثلاث مراحل من مكة.
(١٠) فى م: "منهم".
(١١) أخرجهما أبو داود، فى: باب فى وطء السبايا، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٩٧.
كما أخرج الأول مسلم، فى: باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء. . .، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم ٢/ ١٠٧٩، ١٠٨٠. والنسائى، فى: باب تأويل قول اللَّه عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٩١.
وأخرج الثانى الدارمى، فى: باب فى استبراء الأمة، من كتاب الطلاق. سنن الدارمى ٢/ ١٧١، والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٢٨، ٦٢، ٨٧.
(١٢) فى م: "وغيرهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>