للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأةً مُجِحًّا (١٥) على بابِ فُسْطاطٍ، فقال: لعَلَّه يُرِيدُ أنْ يُلِمَّ بِهَا؟ قالوا: نعم. قال: "لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ ألْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يَسْتَخْدِمُه وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ أمْ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ". أخرجه مسلمٌ (١٦). ولأنَّها حامِلٌ من غيرِه، فحُرِّمَ عليه نِكاحُها، كسائرِ الحَوامِلِ. وإذا ثَبَتَ هذا لَزِمَتْها العِدَّةُ، وحُرِّمَ عليها النِّكاحُ فيها؛ لأنَّها فى الأصْلِ لمَعْرِفةِ براءَةِ الرَّحِمِ، ولأنَّها قبلَ العِدَّةِ يَحْتَمِلُ أن تكونَ حامِلًا، فيكونَ نِكاحُها باطِلًا، فلم يَصِحَّ، كالمَوْطوءةِ بشُبْهةٍ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ: لا عِدَّةَ عليها؛ لأنَّه وَطْءٌ لا تَصِيرُ به المرأةُ (١٧) فِراشًا، فأشْبَهَ وَطْءَ الصَّغِيرِ. ولَنا، ما ذكرْناه، ولأنَّه (١٨) إذا لم يَصِحَّ نكاحُ الحاملِ، فغيرُها أَوْلَى؛ لأنَّ وَطْءَ الحاملِ لا يُفْضِى إلى اشْتِباهِ النَّسَبِ (١٩)، [وغيرُها يَحْتَمِلُ] (٢٠) أن يكونَ وَلَدَها من الأوَّلِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ من الثانى، فيُفْضِى إلى اشْتِباهِ الأنْسابِ، فكان بالتَّحْريمِ أَوْلَى، ولأنَّه وَطْءٌ فى القُبُلِ، فأوْجَبَ العِدَّةَ، كوَطْءِ الشُّبْهةِ، ولا نُسَلِّمُ وَطْءَ الصغير الذى يُمْكِنُ منه الوَطْءُ. والشَّرْط الثانى، أن تَتُوبَ من الزِّنَى، [وبه قال] (٢١) قتادةُ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ: لا يُشْتَرَطُ ذلك؛ لما رُوِىَ أَنَّ عمرَ ضَرَبَ رجلًا وامرأةً فى الزِّنَى، وحَرَصَ أن يَجْمَعَ بينهما، فأبَى


= كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٩١، ٤٩٢. والبيهقى، فى: باب لا عدة على الزانية، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٥٧.
(١٥) امرأة مجح: قريبة الولادة.
(١٦) فى: باب تحريم وطء الحامل المسبية، من كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢/ ١٠٦٥، ١٠٦٦.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى وطء السبايا، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٩٧.
(١٧) سقط من: الأصل.
(١٨) فى م: "لأنه".
(١٩) سقط من: الأصل، ب.
(٢٠) فى ب، م: "ويحتمل".
(٢١) فى م: "قاله".

<<  <  ج: ص:  >  >>