للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى صُلْبِ نِكاحِه. القسم الثالث، بائِنٌ يَحِلُّ لزَوْجِها نِكاحُها، كالمُخْتَلِعةِ، والبائِنِ بفَسْخٍ (٨) لعَيْبٍ (٩) أو إعسارٍ ونحوِه، فلِزَوْجِها التَّصْريحُ بخِطْبَتِها والتعريضُ؛ لأنَّها مُباحٌ (١٠) له نِكاحُها فى عِدَّتها، فهى كغيرِ المُعْتَدَّةِ. وهل يجوزُ لغيرِه التَّعْرِيضُ بخِطْبَتِها؟ فيه وَجْهان. وللشافعىِّ فيه أيضًا قَوْلان؛ أحدهما، يجوزُ؛ لعُمُومِ الآيةِ، ولأنَّها بائِنٌ فأشْبَهَتِ المُطلَّقةَ ثلاثًا. والثانى، لا يجوزُ؛ لأنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ أن يَسْتَبِيحَها، فهى كالرَّجْعِيَّةِ. والمَرْأةُ فى الجَوابِ، كالرجلِ فى الخِطْبةِ، فيما يَحِلُّ ويَحْرُمُ؛ لأنَّ الخِطْبةَ للعَقْدِ، فلا يخْتلفان فى حِلِّه وحُرْمَتِه؛ إذا ثَبَتَ هذا، فالتَّعْرِيضُ أن يقول: إنِّى فى مِثْلِكِ لرَاغِبٌ. ورُبَّ راغبٍ فيكِ. وقال القاسمُ بن محمدٍ: التَّعْريضُ أن يقولَ: إنَّكِ عَلَىَّ لَكَرِيمةٌ. وإنِّى فيكِ لرَاغبٌ. وإنَّ اللَّه لسائِقٌ إليك خَيْرًا أو رِزْقًا. وقال الزُّهْرِىُّ: أنتِ جَمِيلةٌ. وأنتِ مَرْغُوبٌ فيكِ. وإن قال: لا تَسْبِقِينا بنَفْسِكِ. أو لا تَفُوتِينَا بنَفْسِكِ. أو إذا حَلَلْتِ فآذِنِينِى. ونحو ذلك، جازَ. قال مجاهدٌ: مات رجلٌ، وكانت امرأتُه تَتْبَعُ الجِنازةَ، فقال لها (١١) رَجُلٌ: لا تَسْبِقِينَا بنَفْسِكِ. فقالتْ: سَبَقَكَ غيرُكَ. وتُجِيبُه المرأةُ: إن قُضِىَ شىءٌ كان. وما نَرْغَبُ عنك. وما أشْبَههُ. والتَّصريحُ: هو اللفظُ الذى لا يَحْتَمِلُ غيرَ النكاحِ، نحو أن يقولَ: زَوِّجِينِى نَفْسَكِ. أو إذا (١٢) انْقَضَتْ عِدّتُكِ تَزَوَّجْتُكِ. ويَحْتَمِلُ أَنَّ هذا معنَى قولِه تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (١٣). فإنَّ النِّكاحَ يُسَمَّى سِرًّا، قال الشاعر (١٤):

فلَنْ تَطْلُبُوا سِرَّهَا لِلْغِنَى ... ولن تُسْلِمُوها لإِزْهادِهَا (١٥)


(٨) فى النسخ: "يفسخ".
(٩) فى م: "لغيبة".
(١٠) فى أ، ب، م: "مباحة".
(١١) سقط من: م.
(١٢) فى الأصل، أ، ب: "وإذا".
(١٣) سورة البقرة ٢٣٥.
(١٤) هو الأعشى، والبيت فى ديوانه ٧٥.
(١٥) فى م: "سرها للفتى". ومعنى إزهادها: زهدا فيها لفقرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>