للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطْؤُها، ولا تَحِلُّ المرأةُ لِرَجُلَيْنِ. فإن وَطِئَها، فلا حَدَّ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال داودُ: يُحَدُّ. وقال بعضُ الشَّافعيَّةِ: ان كان ابْنُه وَطِئَها حُدَّ؛ لأنَّها مُحَرَّمةٌ عليه على التَّأْبِيدِ. ولَنا، أَنَّ له فيها شُبْهةً؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنْتَ وَمالُكَ لِأَبِيكَ". والحَدُّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولأنَّ الأبَ لا يُقْتَلُ بقَتْلِ ابْنِه، والقِصَاصُ حَقٌّ آدَمِىٍّ، فإذا سَقَطَ بشُبْهةِ (٣٨) المِلْكِ، فالحَدُّ الذى هو حَقُّ اللَّه تعالى بطرِيقِ الأَوْلَى، ولأنَّه لا يُقْطَعُ بسَرِقةِ مالِه، ولا يُحَدُّ بقَذْفِه، فكذلك لا يُحَدُّ بالزِّنَى بجارِيَتِه. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّها تُحَرّمُ على الابْنِ على التأبِيدِ. وإن كان الابْنُ قد (٣٩) وَطِئَها، حُرِّمَتْ عليهما على التأبِيدِ. وإذا لم تَعْلَقْ من الأَبِ، لم يَزُلْ مِلْكُ الابْنِ عنها، ولم يَلْزَمْه قِيمَتُها. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُه ضَمانُها؛ لأنَّه أتْلَفَها عليه، وحَرَمَه وَطْأَهَا، فأشْبَهَ ما لو قَتَلَها (٤٠). ولَنا، أنَّه لم يُخرِجْها عن مِلْكِه، ولم تَنْقُصْ قِيمَتُها، فأشْبَهَ ما لو أرْضَعَتْها (٤١) امْرَأتُه، فإنَّها تُحَرَّمُ على الابْنِ، ولا يَجِبُ له ضَمانُها. وإن عَلِقَتْ منه، فالوَلَدُ حُرٌّ، يلْحَقُ به النَّسَبُ؛ لأنَّه من وَطْءٍ لا يَجِبُ به الحَدُّ، لأجْلِ الشُّبْهةِ، فأشْبَه وَلَدَ الجارِيةِ المُشْتَرَكةِ، وتَصِيرُ الجارِيةُ أُمَّ وَلَدٍ للأَبِ. وقال الشافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه: لا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لأنَّها غيرُ مَمْلُوكةٍ له، فأشْبَهَ ما لو وَطِئَ جارِيةَ أجنبىٍّ بشُبْهةٍ. ولَنا، أنَّها عَلِقَتْ منه بحُرٍّ لأجلِ المِلْكِ، فأشْبَهتِ الجارِيةَ المُشْترَكةَ إذا كان مُوسِرًا. قال أصحابُنا: ولا يَلْزَمُ الأبَ قِيمةُ الجارِيةِ، ولا قِيمةُ وَلَدِها ولا مَهْرُها. وقال الشافعىُّ: يَلْزَمُه ذلك كلُّه، إذا حُكِمَ بأنَّها أُمُّ وَلَدٍ. وهذا يَنْبَنِى (٤٢) على أصْلٍ، وهو أَنَّ للأبِ أن يتَمَلَّكَ من مالِ وَلَدِه ما شاءَ، وأنَّه ليس للابْنِ مُطَالبةُ أبِيه بدَيْنٍ له عليه، ولا قِيمَةِ مُتْلَفٍ، وعندَهم بخِلافِ


(٣٨) فى الأصل، ب: "لشبهة".
(٣٩) سقط من: ب.
(٤٠) فى أ، ب، م: "قبلها".
(٤١) فى ب، م: "أرضعها".
(٤٢) فى م: "يبنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>