للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الفَسْخَ إنَّما يَثْبُتُ بنَصٍّ أو إجْماعٍ أو قِياسٍ، ولا نَصَّ فى غيرِ هذه (١٩) ولا إجماعَ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على هذه العُيوبِ؛ لما بينهما من الفَرْقِ. وقال أبو بكرٍ، وأبو حَفْصٍ: إذا كان أحَدُهُما لا يَسْتَمْسِكُ بَوْلُه ولا خَلاؤُه، فللآخَرِ الخِيارُ. قال أبو الخَطَّابِ: ويتَخَرَّجُ على ذلك مَنْ به الْباسُورُ، والنَّاصُورُ (٢٠)، والقُرُوحُ السَّيَّالةُ فى الفَرْجَ، لأنَّها تُثِيرُ نَفْرةً، وتَتَعَدَّى نَجَاسَتُها، وتُسَمَّى مَنْ لا تَحْبِسُ نَجْوَها (٢١) الشَّرِيمَ، ومن لا تَحْبِسُ بَوْلَها المَشُولةَ (٢٢)، ومثلُها من الرِّجالِ الأَفِينُ. قال أبو حَفْصٍ: والخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ به. وهو أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ؛ لأنَّ فيه نَقْصًا وعارًا، ويَمْنَعُ الوَطْءَ أو يُضْعِفُه. وقد رَوَى أبو عُبَيْدٍ، بإسنادِه عن سليمانَ بن يَسارٍ، أَنَّ ابنَ سَنْدَرٍ تزَوَّجَ امرأةً وهو خَصِىٌّ، فقال له عمرُ: أعْلَمْتَها؟ قال: لا. قال: أعْلِمْها، ثم خَيِّرْها (٢٣). وفى البَخَرِ، وكَوْنِ أحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى، وَجْهان؛ أحدهما، يَثْبُتُ الخِيارُ؛ لأنَّ فيه نَفْرَةً ونَقْصًا وعارًا، والبَخَرُ: نَتَنُ الفَمِ. وقال ابنُ حامدٍ: هو نَتَنٌ فى الفَرْجِ، يَثُورُ عندَ الوَطْءِ. وهذا إن أرادَ به أنَّه يُسَمَّى أيضًا بَخَرًا، ويثبتُ الخيارَ، وإلَّا فلا مَعْنَى له، فإنَّ نَتَنَ الفَمِ يُسَمَّى بَخَرًا، ويَمْنَعُ مُقارَبةَ صاحِبِه إلًّا على كُرْهٍ. وما عَدَا هذه (٢٤) فلا يُثْبِتُ الخِيارَ، وَجْهًا واحدًا، كالقَرَعِ، والعَمَى، والعَرَجِ، وقَطْعِ اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ، ولا يُخْشَى تَعَدِّيه. ولا نعلمُ فى هذا بين أهلِ العلمِ خِلافًا، إلَّا أنَّ الحَسَنَ قال: إذا وَجَدَ الآخَرَ عَقِيمًا يُخَيَّرُ. وأحَبَّ أحمدُ [أن يتَبَيَّنْ] (٢٥) أمْرُه، وقال: عَسَى


(١٩) فى أ، ب، م: "هذا".
(٢٠) فى م: "والناسور". وهما بمعنى.
(٢١) النجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط.
(٢٢) فى أ، ب: "الماسولة".
(٢٣) وأخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى المرأة يتزوجها الخصى، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٤٠٦. باختلاف يسير فى لفظه.
(٢٤) فى أ، م: "هذا".
(٢٥) فى ب، م: "تبيين".

<<  <  ج: ص:  >  >>