للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَكَلَ، قُضِىَ عليه بنُكُولِه، ويدلُّ على وُجُوبِ اليمينِ عليه قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (١٠). قال القاضى: ويتَخرَّجُ أن لا يُسْتَحْلَفَ، بِناءً على إنْكارِه دَعْوَى الطَّلاقِ، فإنَّ فيها روايتَيْنِ، كذا ههُنا. والصَّحيحُ ما قال الْخِرَقِىُّ؛ لدَلالةِ الخبَرِ والمعنى عليه. ورُوِىَ عن أحمدَ، رِوَايةٌ ثالثة، أَنَّ القولَ قولُ المرأةِ مع يَمينِها. حكاها القاضى فى "المُجَرَّدِ" لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الإِصابةِ، فكان القولُ قولَها؛ لأنَّ قَوْلَها مُوَافِقٌ للأَصْلِ، واليَقِينُ معها. وفى كلِّ موضعٍ حَكَمْنا بوَطْئِه، بَطَلَ حُكْمُ عُنَّتِه، فإن كان فى ابتداءِ الأمْرِ، لم تُضْرَبْ له مُدَّةٌ. وإن كان بعدَ ضَرْبِ المُدَّةِ، انْقَطَعَتْ. وإن كان بعدَ انْقِضائِها، لم يَثْبُتْ لها خِيارٌ. وكلُّ موضعٍ حَكَمْنا بعَدَمِ الوَطْءِ منه، ثَبَتَ حكمُ عُنَّتِه، كما لو أقَرَّ بها. واختار أبو بكرٍ أنَّه يُزَوَّجُ امْرأةً لها حَظٌّ من الجمالِ، وتُعْطَى صَدَاقَها ين بيتِ المالِ، ويُخْلَى معها، وتُسْألُ عنه، ويُؤْخَذُ بما تَقُولُ، فإن أخْبَرَتْ أنَّه يَطَأُ، كُذِّبَتِ الأُولَى، والثانية بالخِيارِ بين الإِقامةِ والفَسْخِ، وصَدَاقُها من بيتِ المالِ. وإن كَذَّبَتْه، فُرِّقَ بينَه وبينَهما، وصَدَاقُ الثانيةِ من مالِه ههُنا؛ لما رُوِىَ أَنَّ امرأةً جاءت إلى سَمُرةَ، فشَكَتْ إليه أنَّه لا يَصِلُ إليها زَوْجُها، فكَتَبَ إلى معاويةَ، فكَتَبَ إليه، أن زَوِّجْهُ بامْرأةٍ ذاتِ جمالٍ، يُذْكَرُ عنها الصَّلاحُ، وسُقْ إليها المَهْرَ من بيتِ المالِ عنه، فإن أصابَها فقد كَذَبَتْ، وإن لم يُصِبْها فقد صَدَقَتْ. فَفَعلَ ذلك سَمُرةُ، فجاءت المرأةُ فقالت: ليس عندَه شىءٌ. ففَرَّقَ بينهما. وقال الأوْزَاعىُّ: يَشْهَدُه امْرَأتان، ويُتْرَكُ بينهما ثَوْبٌ، ويُجامِعُ امْرَأتَه، فإذا قام عنها نَظَرَتَا إلى فَرْجِها، فإن كان فيه رُطُوبةُ الماءِ فقد صَدَقَ، وإلَّا فلا. وحُكِىَ عن مالكٍ مثلُ ذلك، إلَّا أنَّه اكْتَفَى بواحِدَةٍ. والصحيحُ أَنَّ القولَ قولُه، كما لو ادَّعَى الوَطْءَ فى الإِيلاءِ، ولما (١١) قدَّمْنا. واعتبارُ خُرُوجِ الماءِ ضَعِيفٌ؛ لأنَّه قد يَطَأُ ولا يُنْزِلُ، وقد يُنْزِلُ من غيرِ وَطْءٍ، فإنَّ ضَعْفَ الذَّكَرِ لا يَمْنَعُ سلامةَ الظَّهْرِ ونُزُولَ الماءِ، وقد يَعْجِزُ السليمُ القادِرُ عن


(١٠) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٥٢٥.
(١١) فى ب: "وكما".

<<  <  ج: ص:  >  >>