للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوايةِ مُهَنَّا، فى مَن تَزَوَّجَ على عبدٍ من عَبِيدِه: جائزٌ، فإن كانوا عَشرةَ عَبِيدٍ، تُعْطَى من أوْسَطِهِم، فإن تَشَاحَّا أُقْرِعَ بينهم. قُلْتُ: وتَسْتَقِيمُ القُرْعةُ فى هذا؟ قال: نعم. وَوَجْهُه أَنَّ الجَهالةَ ههُنا يَسِيرةٌ، ويُمْكِنُ التَّعْيِينُ بالقُرْعةِ، بخلافِ ما إذا أصْدَقَها عبدًا مُطْلَقًا، فإن الجَهالةَ تَكْثُر، فلا يَصِحُّ. ولَنا، أَنَّ الصَّداقَ عِوَضٌ فى عَقْدِ مُعاوَضةٍ، فلم يَصِحَّ مَجْهولًا، كعِوَضِ البيعِ والإجارةِ، ولأنَّ المجهولَ لا يَصْلُحُ عِوَضًا فى البيعِ، فلم تَصِحَّ تَسْمِيتُه كالمُحَرَّمِ، وكما (٩) لو زادت جهالَتُه على مَهْرِ المِثْلِ، وأمَّا الخبرُ، فالمرادُ به ما تَرَاضَوْا عليه ممَّا يَصْلُحُ عِوَضًا، بدليلِ سائرِ مالا يَصْلُحُ، وأمَّا الدِّيَةُ، فإنَّها تَثْبُتُ بالشرعِ، لا بالعَقْدِ، وهى خارِجةٌ عن القِياسِ فى تَقْدِيرِها، ومَنْ وَجَبَتْ عليه فلا يَنْبَغِى أن تُجْعَلَ أصْلًا، ثم إنَّ الحيوانَ الثابتَ فيها موصوفٌ بسِنِّه، مُقَدَّرٌ بقِيمَتِه، فكيف يُقَاسُ عليه العَبْدُ المُطْلَقُ فى الأمْرَيْنِ؟ ثم ليست عَقْدًا، وإنَّما الواجِبُ (١٠) بَدَلُ مُتْلَفٍ، لا يُعْتَبَرُ فيه التَّرَاضِى، فهو كقِيَمِ المُتْلَفاتِ، فكيف يُقاسُ عليها عِوَضٌ فى عَقْدٍ يُعْتَبَرُ تَراضِيهما به؟ ثم إنَّ قِياسَ العِوَض فى عَقْدِ مُعاوَضةٍ على عِوَضٍ فى مُعاوضةٍ أخرى، أصَحُّ وأوْلَى من قِياسِه على بَدَلِ مُتْلَفٍ، وأمَّا مَهْرُ المِثْلِ، فإنَّما يجبُ عند عَدَمِ التَّسْمِيَةِ الصحيحةِ، كما تجبُ قِيَمُ المُتْلَفاتِ، وإن كانت تحتاجُ إلى نَظَرٍ، ألا تَرى أنَّا نَصِيرُ إلى مَهْرِ المِثْلِ عند عَدَمِ (١١) التَّسْمِيَةِ، ولا نَصِيرُ إلى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، ولو باع ثَوْبًا بعبدٍ مُطْلقٍ فأتْلَفَه المشترِى، فإنَّا نَصِيرُ إلى تَقْوِيمِه، ولا نُوجِبُ العَبْدَ المُطْلقَ، ثم لا نُسَلِّمُ أَنَّ (١٢) جَهالةَ المُطْلَقِ من الجِنْسِ الواحدِ دُونَ جَهالةِ مَهْرِ المِثْلِ، فإنَّ العادةَ فى القبائلِ والقُرَى أن يكونَ لنِسائِهِم مَهْرٌ لا يكادُ يختلفُ إلَّا بالبَكارةِ والثُّيُوبةِ فحَسْبُ، فيكونُ إذًا


(٩) فى أ، م: "وكذا".
(١٠) فى ب زيادة: "فيها".
(١١) سقط من: أ، م.
(١٢) فى ب: "إلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>