للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدُ. وإن نَقَصَ بعدَ قَبْضِها له أو تَلِفَ، فهو مِن ضَمانِها. ولو زَكَّتْه ثم طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخولِ، كان ضَمانُ الزَّكاةِ كلِّها عليها. وأمَّا قبلَ القَبْضِ، فهو من ضَمَانِ الزَّوْجِ، إن كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، [وإن كان] (٦) غيرَهما، فإن مَنَعَها منه، ولم يُمَكِّنْها من قَبْضِه، فهو من ضَمانِه؛ لأنَّه بمَنْزِلةِ الغاصِبِ، وإن لم يَحُلْ بينَه وبينَها، فهل يكونُ من ضَمانِها، أو من ضَمانِه؟ على وَجْهَيْنِ، بِناءً على المَبِيعِ، وقد ذكرنا حُكْمَه فى بابِه. الحكم الثانى، أَنَّ الصَّداقَ يتَنَصَّفُ بالطلاقِ قبلَ الدُّخولِ؛ لقولِه تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (٧). وليس فى هذا اختلافٌ بحَمْدِ اللَّه. وقياسُ المذهبِ أَنَّ نِصْفَ الصداقِ يَدْخُلُ فى مِلْكِ الزوجِ حُكْمًا، كالمِيراثِ، لا يَفْتَقِرُ إلى اختيارِه وإرادَتِه، فما يَحْدُثُ من النَّماءِ يكونُ بينهما. وهو قول زُفَرَ. وذكَر القاضى احْتمالًا آخرَ، أنَّه لا يَدْخُلُ فى مِلْكِه حتى يَخْتارَه (٨)، كالشَّفِيعِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ. وللشافعىِّ قَوْلان، كالوَجْهَيْن. ولنا، قولُه تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}. أىْ لكم أو لهُنَّ، فاقَتَضَى ذلك أَنَّ النِّصْفَ لها، والنِّصْفَ له، بمُجَرَّدِ الطَّلاقِ، ولأنَّ الطَّلاقَ سَبَبٌ يَمْلِكُ به بغيرِ عِوَضٍ، فلم يَقِف المِلْكُ (٩) على إرادَتِه واختيارِه، كالإِرْثِ، ولأنَّه سَبَبٌ لِنَقْلِ المِلْكِ، فنَقلَ المِلْكَ بمُجَرَّدِه، كالبَيْعِ وسائرِ الأسْبابِ. ولا تَلْزَمُ الشُّفْعةُ؛ فإنَّ سَبَبَ المِلْكِ فيها الأخْذُ بها، ومتى أخَذَ بها ثَبَتَ المِلْكُ من غيرِ إرادتِه واختيارهِ؛ وقبلَ الأَخْذِ ما وُجِدَ السَّبَبُ، وإنَّما اسْتُحِقَّ بمُباشَرَةِ (١٠) سَبَبِ المِلْكِ، ومُباشَرةُ الأسبابِ مَوْقُوفةٌ على اخْتِيارِه، كما أنَّ الطَّلاقَ مُفَوَّضٌ إلى اخْتيارِه، فالأخْذُ بالشُّفْعةِ نَظِيرُ الطَّلاقِ، وثُبُوتُ المِلْكِ للآخِذِ بالشفعةِ نَطرُ ثبوتِ المِلْكِ للمُطَلِّقِ، فإنَّ ثُبوتَ المِلْكِ حُكْمٌ لها، وثُبُوتُ أحكامِ


(٦) فى أ، ب، م: "وأما".
(٧) سورة البقرة ٢٣٧.
(٨) فى أ، ب، م: "يختار".
(٩) سقط من الأصل.
(١٠) فى الأصل، أ: "مباشرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>