للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلافٍ. الحكم الثالث، أنَّ الصداقَ إذا زاد بعدَ العَقْدِ، لم يَخْلُ من أن تكونَ الزيادةُ غيرَ مُتَمَيزةٍ، كعَبْدٍ يَكْبَرُ أو يتَعَلَّمُ صناعةً أو يَسْمَنُ، أو مُتَمَيِّزةً، كالوَلَدِ والكَسْبِ والثَّمرةِ، فإن كانت مُتَمَيِّزةً أخَذَتِ الزيادةَ، ورَجَعَ بنِصْفِ (١٤) الأصْلِ، وإن كانت غيرَ مُتَمَيِّزةٍ، فالخِيَرَةُ إليها، إن شاءت دَفَعَتْ إليه نِصْفَ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ؛ لأنَّ الزيادةَ لها لا يَلْزَمُها بَذْلُها (١٥)، ولا يُمْكِنُها دَفْعُ الأصْلِ بدُونِها، فصِرْنا إلى نِصْفِ القِيمةِ، وإن شاءتْ دَفَعَتْ إليه نِصْفَه (١٦) زائدًا، فيَلْزَمُه قبولُه؛ لأنَّها دَفَعَتْ إليه حَقَّه وزيادةً لا تَضُرُّ ولا تَتَمَيَّز، فإن كانتْ (١٧) مَحْجُورًا عليها، لم يَكُنْ له (١٨) الرُّجوعُ إلّا فى نِصْفِ القِيمةِ؛ لأنَّ الزِّيادةَ لها، ولايجوزُ لها ولا لِوَلِيِّها التَّبَرُّعُ بشىءٍ لايجبُ عليها. وإن نَقَصَ الصَّداقُ بعدَ العَقْدِ، فهو من ضَمانِها، ولا يخلُو أيضًا من أن يكونَ النَّقْصُ مُتَمَيِّزًا أو غيرَ مُتَمَيِّزٍ؛ فإن كان مُتَمَيِّزًا، كعَبْدَيْنِ تَلِفَ أحدُهما، فإنَّه يَرْجِعُ بنِصْفِ الباقِى ونصفِ قيمةِ التَّالفِ، أو مثلِ نصفِ التالفِ إن كان من ذَواتِ الأمثالِ، وإن لم يكُنْ مُتَمَيِّزًا، كعَبْدٍ كان شابًّا فصار شيخًا، فنَقَصَتْ قِيمَتُه، أو نَسِىَ ما كان يُحْسِنُ من صناعةٍ أو كتابةٍ، أو هُزِلَ، فالخِيارُ إلى الزَّوْجِ، إن شاء رَجَعَ بنصفِ قِيمتِه وقتَ ما أصْدَقَها؛ لأنَّ ضَمانَ النَّقْصِ عليها، فلا يَلْزَمُه أخْذُ نِصْفِه؛ لأنَّه دُونَ حَقِّه، وإن شاء رَجَعَ بنصفِه ناقصًا، فتُجْبَرُ المرأةُ على ذلك؛ لأنَّه رَضِىَ أن يأخُذَ حَقَّه ناقِصًا، وإن اخْتارَ أن يأخُذَ أرْشَ النَّقْصِ مع هذا، لم يكُنْ له ذلك (١٩)، فى ظاهرِ كلامِ الخِرَقِىِّ، وهو قولُ أكثر الفقهاءِ. وقال القاضى: القياسُ أَنَّ له ذلك، كالمَبِيعِ يُمْسِكُه ويُطالِبُ بالأرْشِ. وبما ذكَرْناه كلِّه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال محمدُ بن الحسنِ: الزِّيادةُ غيرُ المتمَيِّزةِ تابعةٌ للعَيْنِ، فله


(١٤) فى م: "نصف".
(١٥) فى أ، ب، م: "بدلها".
(١٦) فى م: "نصفا".
(١٧) فى أ، م: "كان".
(١٨) فى ب، م: "لها".
(١٩) فى أ، ب، م: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>