للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عباسٍ، وعَلْقَمةَ، والحسنِ وطاوُسٍ، والزُّهْرِىِّ، ورَبِيعَةَ، ومالكٍ، أنَّه الوَلِىُّ؛ لأنَّ الوَلِىَّ بعدَ الطَّلاقِ هو الذى بيَده عُقْدةُ النِّكاحِ، لكَوْنِها قد خَرَجَتْ عن يَد الزَّوْجِ، ولأنَّ اللَّه تعالى ذكَر عَفْوَ النِّساءِ عن نَصِيبِهنَّ، فينْبَغِى أن يكونَ عَفْوُ الذى بيَدِه عُقْدةُ النِّكاحِ عنه، ليكونَ المَعْفُوُّ عنه فى (٤) المَوْضِعَيْنِ واحدًا، ولأنَّ اللَّه تعالى بدأ بخطابِ الأزْواجِ على المُواجَهةِ، بقوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ثم قال: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (٥). وهذا خطابٌ غيرُ حاضرٍ. ولَنا، ما رَوَى الدَّارَقُطنىُّ (٦)، بإسْنادِه عن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: " وَلِىُّ العُقدَةِ الزَّوْجُ". ولأن الذى بِيَده عُقدةُ النِّكاحِ بعدَ العَقدِ هو الزَّوْجُ، فإنَّه يتَمَكَّنُ من قَطْعِه وفَسْخِه وإمْساكِه، وليس إلى الوَلِىِّ منه شىءٌ، ولأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٥) والعَفْوُ الذى هو أقْرَبُ إلى التَّقْوَى هو عَفْوُ الزَّوْجِ عن حَقِّه، أمَّا عَفْوُ الوَلِىِّ عن مالِ المرأةِ، فليس هو أقْرَبَ للتَّقْوَى (٧)، ولأنَّ المَهْرَ مالٌ للزوجةِ، فلا يَمْلِكُ الوَلِىُّ هِبَتَه وإسْقَاطَه، كغيرِه من أمْوالِها وحُقُوقِها، وكسائرِ الأوْلياءِ، ولا يَمْتَنِعُ العُدُولُ عن خطابِ الحاضرِ إلى خطابِ الغائبِ، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} (٨). وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} (٩). فعلى هذا متَى طَلَّقَ الزَّوْجُ قبلَ الدخولِ تنَصّفَ المهرُ بينهما، فإنْ عفا الزَّوْجُ لها عن النِّصْفِ الذي له، كَمَلَ لها الصَّداقُ جَمِيعُه، وإن عَفَتِ المرأةُ عن النِّصْفِ الذى لها منه، وتَرَكتْ له


(٤) فى ب: "من".
(٥) سورة البقرة ٢٣٧.
(٦) فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٧٩.
(٧) فى أ، ب، م: "إلى التقوى".
(٨) سورة يونس ٢٢.
(٩) سورة النور ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>