للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن جِهَتِها الاسْتِمْتاعُ، فلا يَلْزَمُها غيرُه، كسَقْىِ دوابِّه، وحَصادِ زَرْعِه. فأمَّا قَسْمُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بينَ علىٍّ وفاطمةَ، فعَلى ما تليقُ به (٣٥) الأخلاقُ المَرْضِيَّةُ، ومَجْرَى العادةِ، لا على سبيلِ الإِيجابِ، كما قد رُوِىَ عن أسماءَ بنتِ أبى بكْرٍ، أنَّها كانت تقومُ بفَرَسِ الزُّبَيرِ، وتلْتَقِطُ له النَّوَى، وتحْمِلُه على رأسِها (٣٦). ولم يكُنْ ذلك واجبًا عليها، ولهذا لا يجبُ على الزَّوجِ القيامُ بمصالحَ خارجَ البيتِ، ولا الزِّيادةُ على ما يجبُ لها من النَّفقةِ والكُسْوةِ، ولَكِنِ الأَوْلَى لها فعلُ ما جَرتِ العادةُ بقيامِها بِه؛ لأنَّه العادةُ، ولا تصلُحُ الحالُ إلَّا بِه، ولا تنْتَظِمُ المعيشةُ بدُونِه.

فصل: ولا يَحلُّ وطءُ الزَّوجةِ فى الدُّبُرِ، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم علىٌّ، وعبدُ اللَّهِ، وأبو الدَّرْداءِ، وابنُ عبَّاسٍ، وعبدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو، وأبو هُرَيْرةَ. وبه قال سعيدُ بنُ المسيَّبِ، وأبو بكرِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، ومُجاهِدٌ، وعِكرمَةُ، والشَّافعىُّ، وأصحابُ الرَّأى، وابنُ المنذرِ. ورُوِيَتْ إباحتُه عن ابنِ عمرَ، وزبد بنِ أسْلمَ، ونافعٍ، ومالكٍ. ورُوىَ عن مالكٍ أنَّه قال: ما أدركتُ أحدًا أقْتَدِى به فى دِينى يشُكُّ فى أنَّه حلالٌ. وأهلُ العراقِ مِن أصحابِ مالكٍ يُنْكِرونَ ذلك. واحتجَّ مَن أحَلَّه بقولِ اللَّه تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٣٧). وقولِه سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٣٨). ولَنا، ما رُوىَ أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِى مِنَ الحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ مِنْ أَعْجَازِهِنَّ" (٣٩). وعن أبى هُرَيْرةَ، وابنِ عبَّاسٍ، عن النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ جَامَعَ امرأَةً فِى دُبُرِهَا". رواهما ابنُ مَاجه (٣٩). وعن ابنِ مسعودٍ، عَن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(٣٥) سقط من: الأصل.
(٣٦) أخرجه البخارى، فى: باب الغيرة، من كتاب النكاح. صحيح البخارى ٧/ ٤٥، ٤٦. ومسلم، فى: باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت فى الطريق، من كتاب السلام. صحيح مسلم ٤/ ١٧٠٦، ١٧١٧.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٤٧.
(٣٧) سورة البقرة ٢٢٣.
(٣٨) سورة المؤمنون ٥، ٦.
(٣٩) الأول فى: باب النهى عن إتيان النساء فى أدبارهن، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦١٩. =

<<  <  ج: ص:  >  >>