للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوجِ لُزومًا لا سبيلَ إلى دَفْعِه (١٨)؛ فإنَّ المُغَلَّبَ (١٩) فيها حُكْمُ التَّعليقِ المَحْضِ؛ بدليلِ صِحَّةِ تَعْليقِه على الشَّرْطِ (٢٠). ويَقعُ الطَّلاقُ بوجودِ الشَّرطِ، سَواءً كانت العَطِيَّةُ على الفَوْرِ أو التَّرَاخِى. وقال الشَّافعىُّ: إن قال: متى أعْطَيْتِنى، أو متى ما أعْطَيْتِنى، أو أىَّ حينٍ أو أىَّ زمانٍ أعْطَيْتِنى ألفًا، فأنتِ طالقٌ. فذلك على التَّراخِى. وإن قال: إن أعْطَيْتِنى، أو إذا أعْطَيْتِنى ألفًا، فأنتِ طالقٌ. فذلك على الفَوْرِ. فإن أعْطَتْه جَوابًا لكلامِه، وقَعَ الطَّلاقُ، وإن تَأخَّرَ الإِعْطاءُ (٢١) لم يقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ قَبُولَ المُعاوَضاتِ على الفَوْرِ، فإذا لم يُوجَدْ منه تصْريحٌ بخلافِه، وَجَبَ حَمْلُ ذلك على المُعاوَضاتِ، بخلافِ متى وأىٍّ، فإنَّ فيهما تصريحًا بالتَّراخِى (٢٢)، ونصًّا فيه. وإن صارَا مُعاوَضَةً، فإنّ تَعْليقَه بالصِّفَةِ جائزٌ، أمَّا إنْ وإذا، فإنَّهما يَحْتمِلانِ (٢٣) الفَوْرَ والتَّراخِىَ، فإذا تعَلَّق بهما العِوَضُ، حُمِلَا على الفَوْرِ. ولَنا، أنَّه علَّقَ الطَّلاقَ بشَرْطِ الإِعْطاءِ، فكان على التَّراخِى، كسائرِ التَّعْليقِ. أو نقولُ: علَّقَ الطَّلاقَ بحَرْفٍ مُقْتَضاه التَّراخى، فكان على التَّراخِىَ، كما لو خَلا عن العِوَض، والدَّليلُ على أنَّ مُقْتضاه التَّراخى، أنَّه [يَقْتَضِى التَّراخِىَ] (٢٤) إذا خَلا عن العِوَضِ، ومُقْتضَياتُ الألْفاظِ لا تخْتلِفُ بالعِوَضِ وعَدَمِه، وهذه المُعاوَضَةُ مَعْدُولٌ بها عن سائر المُعاوَضاتِ؛ بدليلِ جَوازِ تعْلِيقِها على الشُّروطِ، ويكونُ على التَّراخِى فيما إذا علَّقَها بمتى أو بأىٍّ، فكذلك فى مسألتِنا، ولا يَصِحُّ قياسُ ما نحن فيه على غيرِه من المُعاوَضاتِ؛ لما ذكَرْنا من الفَرْقِ، ثم يبْطلُ قياسُهم بقول السَّيِّد لعبدِه: إن أعْطَيْتَنِى ألفًا فأنتَ حرٌّ. فإنَّه كمسْألتِنا، وهو على التَّراخِى،


(١٨) فى أ: "رفعه".
(١٩) فى ب، م: "الغالب".
(٢٠) فى أ، ب، م: "الشروط".
(٢١) فى ب، م: "العطاء".
(٢٢) فى الأصل، ب، م: "بالتراضى".
(٢٣) فى الأصل: "محتملان".
(٢٤) فى ب، م: "يقتضيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>