للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدَ، إذا طلَّقَ امرأتَه واحدةً البَتَّةَ، فإنَّ أمرَها بيدِها، يَزِيدُها فى مَهْرِها إن أرادَ رَجْعتَها. فهذا يَدلُّ على أنَّه أوقعَ بها واحدةً بائنًا؛ لأنَّه جعل أمرَها بيَدِها، ولو كانت رَجْعِيَّةً لما جعلَ (٢٥) أمرَها بيَدِها، ولا احْتاجتْ إلى زيادةٍ فى مَهْرِها، ولو وقعَ ثلاثٌ لمَا حلَّتْ له رَجْعتُها. وقال أبو الخَطَّابِ: هذه الرِّوايةُ تُخَرَّجُ فى جميعِ الكناياتِ الظَّاهرةِ، فيكونُ ذلك مثلَ قولِ إبراهيمَ النَّخَعِىِّ. ووَجْهُه أنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ بصِفَةِ البَيْنُونةِ، فوقعَ على ما أوْقعَه، ولم يَزِدْ على واحدةٍ؛ لأنَّ لفظَه لم يَقْتضِ عددًا، فلم يَقَعْ أكثرُ من واحدةٍ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ. وحملَ القاضى روايةَ حَنْبَلٍ على أَنَّ ذلك بعدَ انْقضاءِ العِدَّةِ. القسمُ الثَّانى، مُخْتلَفٌ فيها، وهى ضَرْبانِ؛ مَنْصوصٌ عليها، وهى عشرَةٌ (٢٦)؛ الْحَقِى بأهلِك. وحبلُك على غارِبِك. ولا سبيلَ لى عليك. وأنتِ علىَّ حَرَجٌ. وأنتِ علىَّ حَرَامٌ. واذْهبى فتَزوَّجى مَن شِئْتِ. وغَطِّى شَعْرَك. وأنتِ حُرّةٌ. وقد أعتقتُك. فهذه عن أحمدَ فيها روايتانِ؛ إحداهما، أنَّها ثلاثٌ. والثّانيةُ، تَرْجِعُ إلى ما نَوَاه، وإن لم يَنْوِ شيئًا، فواحدةٌ، كسائرِ الكناياتِ. والضَّرْبُ الثَّانى، مَقِيسٌ على هذه، وهى اسْتَبْرِئى رَحِمَك. وحَلَلْتِ للأَزْواجِ. وتَقَنَّعِى. ولا سلطانَ لى عليك. فهذه فى معنى المنصوصِ عليها، فيكونُ حُكْمُها حُكْمَها. والصَّحيحُ فى قوله: الْحَقِى بأهْلِك. أنَّها واحدةٌ، ولا تَكونُ ثلاثًا إلَّا بنِيَّةٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لابْنةِ الجَوْن: "الْحَقِى بِأَهلِكِ". مُتَّفَقٌ عليه (٢٧)، ولم يَكُنِ النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليُطلِّقَ ثلاثًا وقد نَهَى أُمَّتَه عن ذلك. قال الأَثْرَمُ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّهِ: إنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لابْنَةِ الجَوْنِ: "الْحَقِى بِأَهْلِكِ". ولم يَكُنْ طلاقًا غيرَ هذا، ولم يَكُنِ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليُطَلِّقَ ثلاثًا، فيكونَ غيرَ طلاقِ السُّنَّةِ. فقال: لا أدْرِى. وكذلك قولُه: اعْتَدِّى واسْتَبْرِئِى رَحِمَك. لا يَخْتَصُّ الثَّلاثَ؛ فإنَّ ذلك يَكون مِنَ الواحدةِ، كما يكونُ مِنَ الثَّلاثِ. وقد رَوَى أبو هُرَيْرةَ عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال


(٢٥) فى أ، ب، م: "كان".
(٢٦) فى حاشية م إشارة إلى أنه لم يذكر غير تسعة.
(٢٧) تقدم تخريجه فى المسألة نفسها. وذكر المصنف أنه متفق عليه، ولم يخرجه مسلم، انظر: إرواء الغليل ٧/ ١٤٥، ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>