للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدُ، فى رجلٍ تَزوَّجَ امرأةً، فقال لحَماتِه: ابنتُك طالقٌ. وقال: أردتُ ابنتَك الأُخْرَى، التى ليست بزوجتى (٥)، فقال: يَحْنَثُ، ولا يُقبَلُ منه. وقال، فى روايةِ أبى داودَ، فى رجلٍ له امرأتانِ، اسْماهما فاطمة، فماتَتْ إحداهما، فقال: فاطمةُ طالقٌ. يَنْوِى المَيِّتَةَ، فقال: المَيِّتةُ تَطْلُقُ! قال أبو داودَ: كأنَّه لا يُصَدِّقُه فى الحُكْمِ. وقال القاضى، فيما إذا نظرَ إلى امرأتِه، وأجنبيَّةٍ، فقال: إحداكما طالقٌ. وقال: أرَدْتُ الأجْنبيَّةَ. فهل يُقبَلُ؟ على رِوَايتَيْنِ. وقال الشَّافعىُّ: يُقْبَلُ ههُنا، ولا يُقبَلُ فيما إذا قال: زينبُ طالقٌ. وقال: أردتُ أجْنبِيَّة اسمُها زينبُ. لأنَّ زينبَ لا يَتناولُ الأجْنبِيَّةَ بصَرِيحِه، بل مِن جهةِ الدَّليلِ، وكد عارضَه دليلٌ آخرُ -وهو أنَّه لا يُطلِّقُ غيرَ زوجتِه- أظهرُ، فصارَ اللَّفظُ فى زَوْجتِه أظهرَ، فلم يُقبَلْ خلافُه، أمَّا إذا قال: إحْداكما (٦). فإنَّه يَتناوَلُ الأجْنبيَّةَ بصَريحِه. وقال أصحابُ الرَّأْىِ، وأبو ثورٍ: يُقْبَلُ فى الجميعِ؛ لأنَّه فسَّرَ كَلامَه بما يَحْتمِلُه. ولَنا، أنَّه لا يَحْتَمِلُ غيرَ امرأتِه على وجهٍ صحيحٍ، فلم يُقبَلْ تفسيرُه بها، كما لو فسَّرَ كَلامَه بما لا يَحْتمِلُه، وكما لو قال: زينبُ طالقٌ. عندَ الشَّافعىِّ، وما ذكروه من الفَرْقِ لا يَصِحُّ، فإن إحداكما ليس بصَرِيحٍ فى واحدةٍ منهما، إنَّما يَتناولُ واحدةً لا بِعَيْنِها، وزينبُ يتَناولُ واحدةً [من الزَّيانِبِ] (٧) لا بعَيْنِها، ثم تعيَّنتِ الزَّوجةُ لكَوْنِها مَحَلَّ الطَّلاقِ، وخِطابُ غيرِها به عَبَثٌ، كما إذا قال: إحْداكما طالقٌ. ثم لو تناوَلَها بصريحهِ لكنَّه صرفَه عنها دليلٌ، فصار ظاهرًا فى غيرِها، ولمَّا قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للمُتَلاعِنَيْنِ: "أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ" (٨). لم يَنْصرِفْ إلَّا إلى الكاذبِ منهما وحدَه، ولمَّا قال حَسَّانُ (٩)، يعنى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا سفيانَ:


(٥) فى أ: "زوجتى".
(٦) فى ب، م: "إحداهما".
(٧) سقط من: أ، ب، م.
(٨) أخرجه البخارى، فى: باب المتعة للتى لم يفرض لها. . .، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٧٩، ٨٠. والنسائى، فى: باب اجتماع المتلاعنين، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٤٥. وانظر حديث هلال بن أمية فى: ٨/ ٣٧٣ وحديث عويمر العجلانى فى: ١٣٠.
(٩) ديوان حسان ٧٦. وصدر البيت:
* أتَهْجُوهُ ولستَ له بِكُفْءٍ *

<<  <  ج: ص:  >  >>