للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعًا، وإذا اتَّفَقَ العلماءُ على أنَّه لا يَقعُ طلاقُه (٥٠)؛ لإِخْلالِه بالتَّرتيبِ. فى الشَّرْطَيْنِ المُرتَّبَيْنِ فى مثلِ قولِه: إن أكلْتِ ثم لَبِسْتِ. فلإِخْلالِه بالشَّرْطِ كلِّه أوْلَى، ثم يَلْزَمُ على هذا ما لو قال: إن أعْطْيتِنى درهمينِ فأنَتِ طالقٌ، وإذا مضَى شهرانِ فأنتِ طالقٌ. فإنَّه لا خلافَ [فى أنَّها] (٥١) لا تَطلُقُ قبلَ وُجودِهما جميعًا، وكان قولُه يَقْتَضِى [أن يَقَعَ] (٥٢) الطَّلاقُ بإعطائِه بعضَ (٥٣) درهمٍ، ومُضِىِّ بعضِ يومٍ، وأصولُ الشَّرعِ تَشْهدُ بأنَّ الحُكمَ المُعلَّقَ بشَرْطينِ لا يَثْبُتُ إلَّا بهما، وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّه إذا قال: إذا (٥٤) حِضْتِ حَيْضةً فأنتِ طالقٌ. وإذا قال: إذا صُمْتِ يومًا فأنتِ طالقٌ. أنَّها لا تَطْلُقُ حتى تَحِيضَ حَيْضةً كاملةً، وإذا غابتِ الشَّمسُ مِن اليومِ الذى تَصومُ فيه طَلُقَتْ، وأمَّا اليَمِينُ، فإنَّه متى كان فى لفظِه أو نِيَّتِه ما يَقتَضِى (٥٥) جميعَ المحْلوفِ عليه، لم يَحْنَثْ إلَّا بفِعْلِ جميعِه، وفى مَسْألتِنا ما يَقْتَضِى تَعْليقَ الطَّلاقِ بالشَّرْطينِ معًا، لتَصْريحِه بهما، وجَعْلِهما شَرْطًا للطَّلاقِ، والحُكمُ لا يَثْبُتُ بدونِ شَرْطِه، على أَنَّ اليَمِينَ مُقْتَضاها المنعُ ممَّا حَلَفَ عليه، فيقْتضِى المنعَ مِن فِعْلِ جميعِه، لنَهْىِ (٥٦) الشَّارعِ عن شىءٍ يَقْتضِى المنعَ مِن كلِّ جزءٍ منه، كما يَقْتضِى المنعَ من جُمْلتِه، وما عُلِّقَ على شَرْطٍ جُعِلَ جَزاءً وحُكمًا له، والجزاءُ لا يُوجَدُ بدونِ شَرْطِه، والحُكْمُ لا يَتَحَقَّقُ قبلَ تمامِ شَرْطِه، لُغَةً وعُرفًا وشرعًا.


(٥٠) فى الأصل: "الطلاق".
(٥١) سقط من: الأصل.
(٥٢) فى أ: "وقوع".
(٥٣) سقط من: أ، ب، م.
(٥٤) فى أ، ب، م: "إن".
(٥٥) فى أ: "يقضى".
(٥٦) فى الأصل: "النهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>