للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَّقَها، على حَدِيثِ: "إِنَّ المَرْأَةَ اؤْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجِهَا" (١٥). ولأنَّ حَيْضَها فى الشَّهْرِ ثلاثُ حِيَضٍ يَنْدُرُ جِدًّا، فَرُجِّحَ بِبَيِّنَةٍ، ولا يَنْدُرُ فيما زَادَ على الشَّهْرِ كنُدْرَتِهِ فيه، فقُبِلَ قَوْلُها مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ. وقال الشَّافِعِىِّ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُها فى أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ وثلاثينَ يَوْمًا ولَحْظَتَيْنِ، ولا يُقْبَلُ فى أَقَلَّ مِنْ ذلك بحِالٍ؛ لأنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ عِدَّةٌ (١٦) أَقَلُّ مِنْ ذلك. وقال النُّعْمانُ: لا تُصَدَّقُ فى أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا. وقال صَاحِباهُ: لا تُصَدَّقُ فى أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ وثلاثينَ يَوْمًا؛ لأنَّ أَقَلَّ الحَيْضِ عِنْدَهم ثلاثةُ أيَّامٍ، فثَلاثُ حِيَضٍ تِسْعَةُ أَيَّامٍ (١٧)، وطُهْرانِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا. والخِلافُ فى هذا ينْبَنِى على الخِلافِ فى أَقَلِّ الحَيْضِ، وأَقَلِّ الطُّهْرِ، وفى القُرُوءِ ما هِىَ، وقد سَبَقَ. ومِمَّا يَدُلُّ عليه فى الجُمْلَةِ قَبُولُ علىٍّ وَشُرَيْحٍ بَيَّنَتَهَا على انْقِضَاءِ عِدَّتِها فى شَهْرٍ. ولولا تَصَوُّرُهُ لَمَا قُبِلَتْ عليه بَيِّنَةٌ، ولا سُمِعَتْ فيه دَعْوَى، ولا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بما قلْناهُ. فأمَّا إِن ادَّعَتِ انْقِضَاءَ العِدَّةِ فى أَقَلَّ مِنْ ذلك، لم تُسْمَعْ دَعْواها، ولا يُصْغَى إِلى بَيِّنَتِهَا؛ لأنَّنَا نَعْلَمُ كَذِبَها. فإِنْ بَقِيَتْ على دَعْوَاهَا حتى أتَى عليها ما يُمْكِنُ صِدْقُها فيه (١٨) نَظَرْنا؛ فإِنْ بَقِيَتْ على دَعْواها المَرْدُودَةِ، لم يُسْمَعْ قَوْلُها؛ لأنَّهَا تَدَّعِى (١٩) مُحَالًا، وإنِ ادَّعَتْ أَنَّها انْقَضَتْ عِدَّتُها فى هذه المُدَّةِ كُلِّها، أو فيما يُمْكِنُ منها، قُبِلَ قَوْلُهَا؛ لأنَّهُ أَمْكَنَ صِدْقُها. ولا فَرْقَ فى ذلك بين الفاسِقَةِ والمَرْضِيَّةِ، والمُسْلِمَةِ وَالكَافِرَةِ؛ لأنَّ ما يُقْبَلُ فيه قَوْلُ الإِنْسانِ على نَفْسِه، لا يَخْتَلِفُ


= ٤١٩. وسعيد بن منصور، فى: باب المرأة تطلق تطليقة أو تطليقتين. . .، من كتاب الطلاق. السنن ١/ ٣٠٩، ٣١٠. وتقدم مختصرا فى: ١/ ٣٩١.
(١٥) أخرجه البيهقى، فى: باب تصديق المرأة فيما يمكن فيه انقضاء عدتها، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤١٨. وسعيد بن منصور، فى: باب المرأة تطلق تطليقة أو تطليقتين. . .، من كتاب الطلاق. السنن ١/ ٣١٠. وابن أبى شيبة، فى: باب من قال: اؤتمنت المرأة على فرجها، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٨٢. وهو موقوف على أبى بن كعب وعبيد بن عمير.
(١٦) فى أ، ب، م: "عنده".
(١٧) سقط من: ب.
(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) فى أ: "ادعت".

<<  <  ج: ص:  >  >>