للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الواجِبَاتِ الَّتى يَجِبُ قَضَاؤُهَا على النَّائِمِ؛ كالصَّلَاةِ والصيامِ. وقال مالك، والشَّافِعِىُّ: لا يلزَمُه قضاءُ الصلاةِ إلا أن يُفِيقَ في جزء من وقْتِهَا؛ لأنَّ عائشة سَأَلَتْ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرَّجُلِ يُغْمَى عليه، فَيَتْرُكُ الصلاةَ، فقال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ قَضَاءٌ إلَّا أن يُغْمَى عَلَيْهِ، فَيُفِيقَ في وَقْتِهَا، فَيُصَلِّيَها" (٢٠). وقال أبو حنيفَة: إنْ أُغْمِىَ عليه خَمْسَ صلواتٍ قَضاها، وإن زادَتْ سَقَطَ فَرْضُ القَضَاءِ في الكُلِّ؛ لأنَّ ذلك يَدْخُلُ في التَّكْرَارِ، فأسْقَطَ القَضَاءَ، كالجُنُونِ. ولَنا، ما رُوِىَ، أنَّ عَمَّارًا غُشِىَ عليهِ أيامًا لا يُصَلِّى، ثم اسْتَفَاقَ بعدَ ثَلَاثٍ، فقيل (٢١): هل صَلَّيْتَ؟ فقال: (٢١) ما صَلَّيْتُ منذُ ثَلَاثٍ. فقال: أعْطُونِى وَضُوءًا، فتَوَضَّأ، ثم صَلَّى تلك اللَّيْلَة. ورَوَى أبو مِجْلَز، أنَّ سَمُرَةَ بن جُنْدَب، قال: المُغْمَى عليهِ يَتْرُكُ الصلاةَ، أو فيَتْرُك الصلَاةَ، يُصَلِّى مع كُلِّ صلاةٍ صلاةً (٢٢) مِثْلَها. قال: قال عِمْرَان (٢٣): زَعَم (٢٤)، ولكنْ ليُصَلِّيهِنَّ جَمِيعًا. رَوَى (٢٥) الأثْرَمُ هذين الحدِيثَيْنِ في "سُنَنِه" (٢٦). وهذا فِعْلُ الصَّحَابَةِ وقولُهُم، ولا نَعْرِفُ لهم مُخَالِفًا، فكان إجْمَاعًا. ولأن الإِغْمَاءَ لا يُسْقِطُ فَرْضَ الصيامِ، ولا يُؤَثِّرُ في اسْتِحْقَاقِ الوِلايةِ على المُغْمَى عليهِ، فأشْبَهَ


(٢٠) أخرجه الدارقطني، في: باب الرجل يغمى عليه وقد جاء وقت الصلاة، هل يقضى أم لا، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ٢/ ٨١. والبيهقي، في: باب المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ١/ ٣٨٨.
(٢١) لعل الصواب وضع كل كلمة مكان الأخرى، فإن المغمى عليه هو الذي لا يدرى أمره فيسأل.
(٢٢) سقط من: الأصل.
(٢٣) أبو رجاء عمران بن ملحان العطاردى البصري، أدرك زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يره، وهو يروى عن سمرة بن جندب، توفى سنة تسع ومائة. تهذيب التهذيب ٨/ ١٤٠، ١٤١.
(٢٤) أي سمرة بن جندب.
(٢٥) في م: "وروى".
(٢٦) السنن للأثرم ليست بين أيدينا، لكن الدارقطني والبيهقي رويا أن عمار بن ياسر أغمى عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء. انظر الموضعين السابق ذكرهما قريبًا، من سنن الدارقطني، والسنن الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>