للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنِّىْ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْير". قلتُ: يارسولَ اللَّه، فإنىِّ سأُعِينُه بعَرَقٍ آخَرَ. قال: "قَدْ أحْسَنْتِ، اذهَبِى فأَطْعِمِى [بِهَا عَنْهُ] (٢١) سِتِّينَ مِسْكِينًا، وارْجِعِى إلَى ابْنِ عَمِّكِ" (٢٢). ورَوَى أبو داودَ، بإسْنادِه عن أبى سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، أنَّه قال: العَرَقُ زِنْبِيلٌ يَأْخُذ خمسةَ عَشَرَ صاعًا. فعَرَقانِ يَكُونانِ ثلاثينَ صاعًا، لكُلِّ مسكينٍ نِصْفُ صاعٍ، ولأنَّها كفَّارةٌ تَشْتَمِل على صيامٍ وإطعامٍ، فكانَ لكُلِّ مسكينٍ نِصْفُ صاعٍ مِن التَّمْر والشَّعِير، كفِدْلَةِ الأذَى. فأمَّا روايةُ أبى داودَ أَنَّ "الْعَرَق سِتُّونَ صَاعًا" (٢٣). فقد ضَعَّفَها وقال: غيرُها أصَحُّ منها. وفى الحديثِ ما يَدُلُّ على الضَّعْف؛ لأنَّ ذلك فى سياقِ قوله: "إنِّى سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ". فقالت امراتُه: إنى سَأُعِينُه بعَرَقٍ آخَرَ. قال: "فَأطْعِمِى بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا". فلو كان العَرَقُ سِتِّينَ صاعًا، لَكَانتِ الكفَّارةُ مائةً وعشرين صاعًا، ولا قائِلَ به. وأما حديثُ المُجَامِع الذى أعْطاه خمسةَ عَشَرَ صاعًا، فقال: "تَصَدَّقْ بِهِ" (٢٤). فَيَحْتَمِلُ أنَّه اقْتَصَر عليه إذْ (٢٥) لم يَجِدْ سواهُ (٢٦)، ولذلك لَمّا أخبره بحاجتِه إليه أمره بأكْلِه. وفى الحديثِ المُتَّفَقِ عليه (٢٧): "قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ صَاعًا". وليس ذلك مذهبًا لأحَدٍ (٢٨)، فيَدُلُّ على أنَّه


(٢١) فى أ: "بهما".
(٢٢) تقدم تخريجه فى: صفحة ٥٤.
(٢٣) فى: باب فى الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٤.
(٢٤) تقدم تخريجه فى: ٤/ ٣٦٦.
(٢٥) فى أ، م: "إذا".
(٢٦) فى ب: "غيره".
(٢٧) يعنى به حديث أبى هريرة، الذى أخرجه البخارى، فى: باب إذا جامع فى رمضان ولم يكن له شىء فتصدق عليه فليكفر، من كتاب الصوم. صحيح البخارى ٣/ ٤١. ومسلم، فى: باب تغليظ تحريم الجماع فى نهار رمضان على الصائم. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٨١. ولم يرد فيه عندهما تعيين مقدار المكتل أنه قريب من عشرين صاعا، كما أورد المؤلف. وأخرجه ابن خزيمة، فى: باب ذكر الدليل على أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أمر هذا المجامع بالصدقة. . .، من كتاب الصيام. صحيح ابن خزيمة ٣/ ٢١٩. وأبو داود، فى: باب كفارة من أتى أهله فى رمضان، من كتاب الصيام. سنن أبى داود ١/ ٥٥٨. والبيهقى، فى: باب رواية من روى الأمر بقضاء يوم. . .، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢٢٧. وعبد الرزاق، فى: باب من يبطل الصيام. . .، من كتاب الصيام. المصنف ٤/ ١٩٥. وانظر: فتح البارى ٤/ ١٦٩.
(٢٨) فى أ، م: "لأحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>