للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتَّةِ أشْهُرٍ، فهو (٢٩) من الزَّوْجِ (٣٠)؛ لأنَّنا نعْلمُ أنهما حَمْلٌ واحدٌ، فإذا كان أحدُهما منه، فالآخَرُ منه. وإن كان بينهما أكثرُ من سِتَّةِ أشْهُرٍ، لم يَلْحَقِ الزوجَ، وانْتَفىَ عنه من غيرِ لِعانٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أن يكونَ الولدان حَمْلًا واحدًا وبينهما مُدَّةُ الحملِ، فعُلِمَ أنَّها عَلِقَتْ به بعدَ زَوالِ الزَّوْجِيَّةِ، وانْقِضاءِ العِدَّةِ، وكَوْنِها أجْنَبِيَّةً، فهى كسائرِ الأجْنَبِيَّاتِ. وإن طَلَّقَها، فاعْتَدّتْ بالأقْراءِ، ثم ولَدَتْ ولدًا قبلَ مُضِىِّ سِتَّةِ أشْهُرٍ من آخِرِ أقْرائِها، لَحِقَه؛ لأنَّنا تَيَقَنَّا أنَّها لم تَحْمِلْه بعدَ انْقضاءِ عِدَّتِها، ونعلمُ أنَّها كانت حاملًا به (٣١) فى زَمَنِ رُؤْيةِ الدَّمِ، فيَلْزَمُ أن لا يكونَ الدَّمُ حَيْضًا، فلم تَنْقَضِ عِدّتُها به. وإن أتَتْ به لأكثرَ من ذلك، لم يَلْحَقْ بالزَّوْجِ. وهذا قولُ أبى العَبَّاس ابن سُرَيْجٍ. وقال غيرُه من أصحابِ الشافعىِّ: يَلْحَقُ به؛ لأنَّه يُمْكِنُ أن يكونَ منه، والولدُ يَلْحَقُ بالإِمْكانِ. ولَنا، أنَّها أتَتْ به بعدَ الحُكْمِ بانْقِضاءِ عِدَّتِها، فى وقتٍ يُمْكِنُ أن لا يكونَ منه، فلم يَلْحَقْه، كما لو انْقَضَتْ عِدّتُها بوَضْعِ الحَمْلِ، وإنَّما يُعْتَبَرُ الإِمْكانُ مع بقاءِ الزَّوْجِيَّةِ أو العِدَّةِ، وأمَّا بعدَهما، فلا يُكتَفَى بالإِمْكانِ لِلَحاقِه، وإنَّما يُكْتَفَى بالإِمْكانِ لِنَفْيه، وذلك لأنَّ الفِرَاشَ سَبَبٌ، ومع وُجُودِ السَّببَ يُكْتَفَى بإمْكانِ الحِكْمةِ واحتمالِها، فإذا انتفَى السَّببُ وآثارُه، فيَنْتَفِى الحكمُ لِانتِفائِهْ، ولا يُلْتَفَتُ إلى مُجَرَّدِ الإِمْكانِ. واللَّه أعلم. فأمَّا إن وَضَعَتْه قبلَ انقضاءِ العِدَّةِ لأقَل من أرْبَعِ سِنِينَ، لَحِقَ بالزَّوْجِ، ولم يَنْتَفِ عنه إلَّا باللِّعانِ. وإن وضَعَتْه لأكْثرَ من أرْبعِ سِنينَ من حينِ الطَّلاقِ، وكان بائِنًا، انْتَفَى عنه بغيرِ لِعانٍ؛ لأنَّنا عَلِمْنا أنَّها عَلِقَتْ به بعدَ زوالِ الفِرَاشِ. وإن كان رَجْعِيًّا، فوَضَعَتْه لأكثرَ من أربعِ سِنينَ منذ انْقَضَتِ العِدَّةُ، فكذلك؛ لأنَّها عَلِقَتْ به بعَد البَيْنُونةِ. وإن وضَعَتْه لأكثرَ من أربعِ سِنين مُنْذ الطَّلاقِ، ولأقلَّ منها منذُ انْقَضتِ العِدّةُ، ففيه روايتان؛ إحداهما، لا يَلْحَقُه؛ لأنَّها لم تَعْلَقْ به قبلَ طَلاقِها، فأشْبَهتِ


(٢٩) فى م: "فهم".
(٣٠) فى ب زيادة: "فى قول الجمهور".
(٣١) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>