للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعِوَضِ، كشُهُودِ الطَّلاقِ إذا رَجَعُوا عن الشَّهادةِ. فعلى هذا، إن كان لم يَدْفَعْ إليها الصَّداقَ، لم يَرْجِعْ بشىءٍ، وإن كان قد دَفَعَ بعضَه، رَجَعَ بما دَفَعَ. ويَحْتَمِلُ أن يَرْجِعَ عليه بالصَّداقِ، وتَرْجِعَ المرأةُ بما بَقِىَ عليه من صَداقِها. وعن أحمدَ أَنَّه يَرْجِعُ عليه بالمَهْرِ الذى أصْدَقَها الثانى؛ لأنَّ إتْلافَ البُضْعِ من جِهَتِه، والرُّجُوعُ (٦٩) عليه بقِيمَتِه، والبُضْعُ لا يتَقَوَّمُ إلَّا على زَوْجٍ أو مَن جَرَى مَجْراهُ، فيَجِبُ الرُّجوعُ عليه بالمُسَمَّى الثانى دُونَ الأوَّلِ؛ وهل يَرْجِعُ الزَّوْجُ الثانى على الزَّوْجةِ بما أُخِذَ (٧٠) منه؟ فيه رِوَايتَان. ذَكَر ذلك أبو عبدِ اللَّه ابن حامدٍ؛ إحداهما، يَرْجِعُ به؛ لأنَّها غَرامةٌ لَزِمَتِ الزَّوْجَ بسبَبِ وَطْئِه لها، فيَرْجِعُ (٧١) بها، كالمَغْرُورِ. والثانية، لا يَرْجِعُ بها. وهو أظْهَرُ؛ لأنَّ الصَّحابةَ لم يَقْضُوا بالرُّجوع، فإنَّ سعيدَ بن المُسَيَّبِ روَى، أنَّ عمرَ وعثمانَ قَضَيَا فى المرأةِ التى لا تَدْرِى ما مَهْلِكُ زَوْجِها، أن تَرَبَّصَ (٧٢) أَرْبَعَ سِنِينَ، ثم تَعْتَدَّ عدةَ المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها أرْبعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا، ثم تَزَوَّجَ إن بَدَا لها، فإن جاء زوجُها خُيِّرَ؛ إمَّا امرأتُه، وإمَّا الصَّداقُ، فإن اخْتارَ الصَّداقَ، فالصَّداقُ على زَوْجِهِا الآخِرِ، وَتْثْبُتُ عندَه، وإن اختارَ امرأتَه، عُزِلَتْ عن زَوْجِها الآخِرِ حتى تَنْقَضِىَ عِدّتُها، وإن قَدِمَ زَوْجُها وقد تُوُفِّى زوجُها الآخِرُ، وَرِثَتْ، واعْتَدَّتْ عِدَّةَ المُتَوَفَّى عنها، وتَرْجِعُ إلى الأوَّلِ. روَاه الجُوزَجَانىُّ (٧٣). ولأنَّ المرأةَ لا تَغْرِيرَ منها، فلم يَرْجِعْ عليها بشىءٍ، كغَيْرِها. فإن قُلْنا: يرْجِعُ عليها. فإن كان قد دَفَعَ إليها الصَّداقَ، رَجَعَ به، وإن كان لم يَدْفَعْه إليها، دَفَعَه إلى الأوَّلِ، ولم يَرْجِعْ عليها بشىءٍ، وإن كان قد دفَعَ بعضَه، رجعَ بما دَفَعَ. وإن قُلْنا: لا


(٦٩) فى ب: "والمرجوع".
(٧٠) فى ب: "أخذت".
(٧١) فى أ، ب، م: "فرجع".
(٧٢) فى م: "تتربص". وهما بمعنى.
(٧٣) وأخرجه البيهقى، فى: باب من قال: تنتظر أربع سنين، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٤٥. وعبد الرزاق، فى: باب التى لا تعلم مهلك زوجها، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>