للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا سُنَّةَ نَبِيِّنَا -صلى اللَّه عليه وسلم-، عدَّةُ أُمِّ الولدِ إذا تُوُفِّىَ عنها سَيِّدُها أرْبَعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ. رَواه أبو داودَ (٣). ولأنَّها حُرَّةٌ تَعْتَدُّ للوفاةِ، فكانت عِدَّتُها أربعةَ أشْهُرٍ وعشرًا، كالزَّوْجةِ الحُرَّةِ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ، روايةً ثالثةً، أنَّها (٤) تَعْتَدُّ شَهْرينِ وخمسةَ أيَّام. ولم أجِدْ هذه الرِّوايةَ عن أحمدَ، في "الجامعِ"، ولا أَظُنُّها صحيحةً عن أحمدَ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، وطاوُسٍ، وقَتادةَ؛ لأنَّها (٥) حينَ الموتِ أُمَةٌ، فكانتْ عِدَّتُها عِدَّةَ الأَمَةِ، كما لو مات رجلٌ عن زوجَتِه الأمَةِ، فعتقَتْ بعد مَوْتِه. ويُرْوَى (٦) عن عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وعَطاءٍ، والنَّخَعىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّ عِدّتَها ثلاثُ حِيَضٍ؛ لأنَّها حُرَّةٌ تُسْتَبْرَأُ، فكان اسْتِبْراؤُها بثلاثِ حِيَضٍ، كالحُرَّةِ المُطَلَّقةِ. وَلنا، أنَّه اسْتِبْراءٌ لزَوالِ المِلْكِ، عن الرَّقَبةِ، فكان حَيْضَةً في حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، كسائرِ اسْتِبْراءِ المُعْتَقاتِ والمَمْلُوكاتِ، ولأنَّه اسْتِبْراءٌ لغيرِ الزَّوجاتِ والمَوْطُوءاتِ بشُبْهةٍ، فأشْبَهَ ما ذكرْنا. قال القاسمُ بن محمدٍ: سُبحانَ اللَّه، يقول اللهُ تعالى في كتابه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} (٧). ماهُنَّ بأزْواجٍ. فأمَّا حديثُ عمرِو بن العاص، فضَعِيفٌ. قال ابنُ المنذرِ: ضَعَّفَ أحمدُ وأبو عُبَيْدٍ حَدِيثَ عمرِو بن العاصِ. وقال محمدُ بن موسى (٨):


(٣) في: باب في عدة أم الولد، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٣٩.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب عدة أم الولد، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٠٣. والدارقطني، في: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطني ٣/ ٣٠٩. والبيهقي، في: باب استبراء أم الولد، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٤٧، ٤٤٨. وابن أبي شيبة، في: باب من قال: عدتها أربعة أشهر وعشرا، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ١٦٢.
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "ولأنها".
(٦) في ب: "وروى".
(٧) سورة البقرة ٢٣٤.
(٨) لعله ابن مشيش البغدادي، كان يستملى للإِمام أحمد، وكان من كبار أصحابه. طبقات الحنابلة ١/ ٣٢٣. وترجم ابن أبي يعلى لمحمد بن موسى بن أبي موسى النهرتيرى البغدادي أيضًا، وذكر أنه كان عنده جزء مسائل كبار جياد عن الإِمام أحمد. انظر: طبقات الحنابلة ١/ ٣٢٣، ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>