للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد اللهِ: وهشامٌ الدَّسْتُوَائِّىُّ (١٧) لم يَقُلْ كما قالَ هُشَيْم، جَعَلَها إقَامَةً إِقامَةً (١٨). قُلْتُ فكأنَّكَ تخْتَارُ حديثَ هُشَيْم؟ قال: نعَمْ هو زيادةٌ، أىَّ شيءٍ يَضُرُّهُ؟ وهذا في الجماعةِ. فإنْ كان يَقْضِى وحدَهُ كان استحْبَابُ ذلك أدْنى في حَقِّهِ، لأنَّ الأَذَانَ والإِقامَةَ للإِعْلَامِ، ولا حاجةَ إلى الإِعْلَامِ ههنَا، وقد رُوِىَ عن أحمدَ في رَجُلٍ فاتَتْهُ صلواتٌ فقضاهَا: ليُؤَذِّنْ، ويُقِمْ (١٩) مَرَّةً واحدةً، يُصَلِّيها كُلَّها. فَسَهَّلَ في ذلك، ورَآهُ حسنًا. وقال الشافعي نحوَ ذلك، ولى قولَانِ آخرانِ: أحدُهما، أنَّه يُقِيمُ ولا يُؤَذِّنُ. وهذا قولُ مالكٍ؛ لِمَا رَوَى أبو سعيدٍ قال؛ حُبِسْنَا يَومَ الخَنْدَقِ عن الصلاةِ، حتى كان بَعْدَ المغرِبِ بِهَوِيٍّ (٢٠) مِنَ اللَّيْلِ، قال: فدعا رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بلالًا، فأمَرَهُ فأقامَ الظُّهْرَ، فصلَّاها، ثم أمَرَهُ، فأقامَ العصرَ، فصلَّاها (٢١). ولأنَّ الأذانَ للإِعْلَامَ بالوقتِ، وقد فاتَ.

والقولُ الثالثُ (٢٢): إنْ رُجىَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ أذَّنَ، وإلَّا فلا؛ لأنَّ الأذانَ مَشْرُوعٌ للإِعْلَامِ، فلَا يُشْرَعُ إلَّا مع الحاجةِ. وقال أبو حنيفَة: يُؤَذِّنُ لكُلِّ صلاةٍ ويُقِيمُ؛ لأنَّ ما سُنَّ للصلاةِ في أدائِها سُنَّ في قضائِها، كسَائِرِ المَسْنُونَاتِ. ولَنا، حديثُ ابنِ مسعُودٍ (٢٣)، رَوَاهُ الأثْرَمُ، والنَّسَائِىُّ، وغيرُهما، وهو


(١٧) نسبة إلى بلدة من بلاد الأهواز، يقال لها. دَسْتُوَا. وهو أبو بكر هشام بن أبي عبد اللَّه سنبر الدستوائي البصري، كان يبيع الثياب التي تجلب من دستوا، فنُسب إليها، توفى سنة ثلاث أو أربع وخمسين ومائة. الأنساب ٥/ ٣١٠، ٣١١.
(١٨) في الأصل: "واحدة". ولعله الأولى، لاختلافه عن السابق، ولكن الحديث، من طريق هشام، أخرجه النسائي، في: باب كيف يقضى الفائت من الصلاة، من كتاب المواقيت، وفى الاكتفاء بالإِقامة لكل صلاة، من كتاب الأذان، المجتبى ١/ ٢٣٩، ٢٤٠، ٢/ ١٦، وفيه: "فأقام لصلاة الظهر فصلينا، وأقام لصلاة العصر فصلينا، وأقام لصلاة المغرب فصلينا، وأقام لصلاة العشاء فصلينا".
(١٩) في النسخ: "ويقيم".
(٢٠) الهوى من الليل: ساعة.
(٢١) أخرجه الدارمي، في: باب الحبس عن الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٥٨. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٥، ٤٩، ٦٧، ٦٨.
(٢٢) في م: "الثاني"، وهذا هو القول الثالث للشافعي، والأول هو الذي ذكر المؤلف أنه نحو قول الإمام أحمد.
(٢٣) الذي تقدم قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>