للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمرأةِ (٤٨) إلَّا أكثرُ من خادِمٍ، فعليه أن يُنْفِقَ على أكثرَ من واحدٍ. ونحوَه قال أبو ثَوْرٍ: إذا احْتَمَلَ الزَّوْجُ ذلك، فَرَضَ لخادِمَيْنِ. ولَنا، أنَّ الخادِمَ الواحدَ يَكْفِيها لنَفْسِها، والزِّيادةُ تُرادُ لحِفْظِ مِلْكِها، أو للتَّجَمُّلِ، وليس عليه ذلك. إذا ثبت هذا، فلا يكونُ الخادِمُ إلَّا ممَّن يَحِلُّ له النَّظَرُ إليها، إمَّا امرأةٌ، وإمَّا ذو رَحمٍ مَحْرَمٌ؛ لأنَّ الخادِمَ يَلْزَمُ المَخْدُومَ في غالبِ أحْوالِه (٤٩)، فلا يَسْلَمُ من النَّظَرِ. وهل يجوزُ أن يكونَ من أهلِ الكِتابِ؟ فيه وَجْهان. الصَّحيحُ منهما جَوازُه؛ لأنَّ اسْتِخدامَهُم مباحٌ، وقد ذكرْنا فيما مَضَى أنَّ الصحيحَ إباحةُ النَّظَرِ لهم. والثانى، لا يجوزُ؛ لأنَّ في إباحةِ نَظَرِهم (٥٠) اخْتلافًا، وتَعافُهم النَّفْسُ، ولا يتَنَظّفونَ من النَّجاسةِ، ولا يلْزمُ الزَّوجَ أن يُمَلِّكَها خادِمًا؛ لأنَّ المقْصودَ الخِدْمةُ، فإذا حَصَلَتْ من غير تَمْليكٍ، جاز كما أنَّه إذا أسْكنهما دارًا بأُجْرَةٍ جاز، ولا يَلْزَمُه تَمْلِيكُها مَسْكنًا، فإن مَلَّكَها الخادِمَ، فقد زاد خيرًا، وإن أخْدَمَها مَنْ يُلازِمُ خِدْمَتها من غيرِ تمليكٍ، جاز، سَواءٌ كان له، أو اسْتَأْجَرَه، حُرًّا كان أو عَبْدًا. وإن كان الخادِمُ لها، فرَضِيَتْ بخِدْمَتِه لها، ونَفَقَتُه على الزَّوْجِ، جاز. وإن طَلَبَتْ منه أجْرَ (٥١) خادِمِها فوافَقَهَا، جاز. وإن قال: لا أُعْطِيكِ أجْرَ هذا، ولكن أنا آتِيكِ بخادِمٍ سِواهُ. فله ذلك إذا أتَاها بمَنْ يَصْلُحُ لها (٥٢). وإن قالتْ: أنا أخْدِمُ نَفْسِى، وآخُذُ أجْرَ (٥٣) الخادِمِ. لم يَلْزَم الزَّوجَ قَبُولُ ذلك؛ لأنَّ الأجْرَ عليه، فتَعْيِينُ الخادِمِ إليه، ولأنَّ في إخْدامِها تَوْفِيرَها على حُقُوقِه، وتَرْفِيهَها، ورَفْعَ قَدْرِها، وذلك يَفُوتُ بخِدْمَتِها لنَفْسِها. وإن قال الزَّوجُ: أنا أخْدِمُكِ بنَفْسِى. لم يَلْزَمْها؛ لأنَّها تَحْتَشِمُه، وفيه غَضاضةٌ عليها، لكَوْنِ زَوْجِها خادِمًا وفيه وجهٌ اخرُ، أنَّه يَلْزَمُها الرِّضَى به؛ لأنَّ الكِفايةَ تَحْصُلُ به.


(٤٨) في أ: "المرأة".
(٤٩) في أ: "أوقاته".
(٥٠) في ب: "نظرهما".
(٥١) في أ، م: "أجرة".
(٥٢) سقط من: ب، م.
(٥٣) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>