للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما، تجبُ النَّفقةُ مع اختلافِ الدِّينِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّها نفقةٌ تَجِبُ مع اتِّفاقِ الدِّينِ، فتَجِبُ مع اخْتِلافِه، كنَفقةِ الزَّوجةِ والممْلوكِ (٢٥)، ولأنَّه يَعْتِقُ (٢٦) على قَرِيبِه، فيَجِبُ عليه الإِنْفاقُ عليه، كما لو اتَّفَقَ دِينُهما. ولَنا، أنَّها مُواساةٌ على سَبِيلِ البِرِّ والصِّلَةِ، فلم تَجِبْ مع اختلافِ الدِّينِ، كَنفقةِ غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ، ولأنَّهما غيرُ مُتَوارِثَيْنِ، فلم يَجِبْ لأحَدِهما على الآخرِ نَفقةٌ (٢٧) بالقَرابةِ، كما لو كان أحَدُهما رقيقًا، وتُفارِقُ نَفَقةَ الزَّوْجاتِ؛ لأنَّها عِوَضٌ يَجِبُ مع الإِعْسارِ، فلم يُنافِها اخْتلافُ الدِّينِ، كالصَّداقِ والأُجْرةِ، وكذلك تجبُ مع الرِّقِّ فيهما أو في أحَدِهما، وكذلك نفقةُ الْمَماليكِ، والعِتْقُ عليه يَبْطُلُ بسائرِ (٢٨) ذَوِى الرَّحِم المَحْرَمِ، فإنَّهم يَعْتِقونَ مع اخْتلافِ الدِّينِ، [ولَا نَفقةَ لهم معه، ولأنَّ هذه صِلَةٌ ومُواساةٌ، فلا تَجِبُ مع اخْتلافِ الدِّينِ] (٢٩)، كأداءِ زَكاتِه إليه، وعَقْلِه عنه، وإرْثِه منه. الثالث، أن يكونَ القَريبُ مَحْجُوبًا عن الميراثِ بمَن هو أَقْرَبُ منه، فيُنْظَر؛ فإن كان الأقْرَبُ مُوسِرًا، فالنَّفقةُ عليه، ولا شىءَ على المَحْجُوبِ به، لأنَّ الأَقْرَبَ أَوْلَى بالميراثِ منه، فيكونُ أوْلَى بالإِنْفاقِ، وإن كان الأقربُ مُعْسِرًا، وكان مَنْ يُنْفِقُ عليه من عَمُودَىِ النَّسَبِ، وجَبَتْ نَفَقَتُه على المُوسِرِ. وذكَرَ القاضي، في أبٍ مُعْسِرٍ وجَدٍّ مُوسرٍ، أنَّ النَّفقةَ على الْجَدِّ. وقال، في أمٍّ مُعْسِرَةٍ وجَدَّةٍ مُوسِرةٍ: النَّفقةُ على الجَدَّةِ. وقد قال أحمدُ: لا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلى وَلَدِ ابنَتِه؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ ابْنى هذَا سَيِّدٌ" (٣٠). فسَمَّاه ابْنَه، وهو ابنُ ابْنَتِه، وإذا مُنِعَ من دَفْعِ الزَّكاةِ إليهم لقَرَابَتِهم، يَجِبُ أن تَلْزَمَه نَفَقَتُهم عندَ حاجَتِهم. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وإن كان من غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ، لم تجبِ النَّفقةُ عليه إذا كان


(٢٥) في ب، م: "والمملوكة".
(٢٦) في الأصل: "حق".
(٢٧) في أ، ب، م: "نفقته".
(٢٨) في الأصل: "سائر".
(٢٩) سقط من: ب. نقل نظر.
(٣٠) تقدم تخريجه، في: ٤/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>