للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (٢). وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (٣). يُرِيدُ - واللهُ أعلمُ - أنَّ وُجُوبَ القِصاصِ يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ القَتْلَ منه، شَفَقةً (٤) على نَفْسِه من القَتْلِ، فتَبْقَى الحياةُ في مَن أُريدَ قَتْلُه. وقيل: إنَّ القاتلَ تَنْعَقِدُ العَداوةُ بينَه وبين قَبِيلَةِ المَقْتُولِ، فيُريدُ قَتْلَهم خَوْفًا منهمْ. ويُرِيدون قَتْلَه وقَتْلَ قَبِيلَتِه اسْتِيفاءً، ففى الاقْتِصاصِ (٥) منه بحُكْمِ الشَّرْعِ قَطْعٌ لِسَبَبِ الهَلاكِ بينَ القَبِيلتَيْنِ. وقال اللَّه تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (٦). الآية. وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا أنْ يُقْتَلَ، وإمَّا أنْ يُفْدَى". مُتَّفَقٌ عليه (٧). ورَوَى أبو شُرَيحٍ الخُزَاعِيُّ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أُصِيبَ بدَمٍ، أوْ خَبْلٍ (٨)، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ؛ فَإنْ أرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أن يَقْتُلَ، أوْ يَعْفُوَ، أوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ". رواه أبو داودَ (٩). وفي لفظٍ: "فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقالَتِي قَتِيلٌ، فأهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، أنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ، أو يَقْتُلُوا" (١٠). وقال عليه السلامُ: "الْعَمْدُ قَوَدٌ، إلَّا أنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ المَقْتُولِ" (١١). وفي لفظٍ: "مَنْ قَتَلَ


(٢) سورة البقرة ١٧٨.
(٣) سورة البقرة ١٧٩.
(٤) في الأصل، ب: "شفقا".
(٥) في الأصل: "الإقصاص".
(٦) سورة المائدة ٤٥.
(٧) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٤٨.
(٨) الخبل: الجرح.
(٩) في: باب الإِمام يأمر بالعفو في الدم، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٧٨.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب من قتل له قتيل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٦. والدارمي، في: باب الدية في قتل العمد، من كتاب الديات. سنن الدارمي ٢/ ١٨٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣١.
(١٠) أخرجه أبو داود، في: باب ولي العمد يرضى بالدية، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٨٠.
(١١) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ٩٤. وابن أبي شيبة، في: باب من قال: العمد قود، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>