للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجْماعٍ أو قياسٍ، ولم يَثْبُتْ ذلك. ويُسْتَحَبُّ أن يُحْضِرَ شاهِدَيْنِ، لئلَّا يَجْحَدَ المَجْنِىُّ عليه الاسْتِيفاءَ. وإذا أراد الوَلِىُّ (٤٩) الاسْتِيفاءَ، فعلى السُّلطانِ أن يتَفَقَّدَ الآلةَ التي يَسْتَوْفِى بها، فإن كانت كالَّةً مَنَعَه الاسْتِيفاءَ بها، لئلَّا يُعَذِّبَ المَقْتُولَ. وقد رَوَى شَدَّادُ بن أوْسٍ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ (٥٠)، ولْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" (٥١). وإن كانتْ مَسْمُومةً، مَنَعَه الاسْتِيفاءَ بها؛ لأنَّها تُفْسِدُ البَدَنَ، وربَّما مَنَعَتْ غُسْلَه. وإن عَجَّلَ فاسْتَوْفَى بآلَةٍ كالَّةٍ أو مَسْمُومةٍ، عُزِّرَ. وإن كان السَّيْفُ صارمًا غيرَ مَسْمُومٍ، نَظَرَ في الوَلِىِّ؛ فإن كان يُحْسِنُ الاسْتيفاءَ، ويُكْمِلُه بالقُوَّةِ والمَعْرِفةِ، مَكَّنَه منه، لقولِه تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (٥٢). وقال عليه السلام: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، إنْ (٥٣) أحَبُّوا قَتَلُوا، وإنْ أحَبُّوا أخَذُوا الدِّيَةَ" (٥٤). ولأنَّه حَقٌّ له مُتَمَيِّزٌ، فكان له اسْتيفاؤُه بنَفْسِه


= كما أخرجه النسائِىُّ، في: باب القود، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ١٣، ١٦. وابن ماجه، في: باب العفو عن القاتل، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٩٧.
(٤٩) في م: "المولى".
(٥٠) في م: "الذبحة".
(٥١) أخرجه مسلم، في: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، من كتاب الصيد. صحيح مسلم ٣/ ١٥٤٨. وأبو داود، في: باب في النهى أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، من كتاب الأضاحى. سنن أبي داود ٢/ ٩٠. والترمذي، في: باب ما جاء في النهى عن المثلة، من كتاب الديات. عارضة الأحوذى ٦/ ١٧٩. والنسائي، في: باب الأمر بإحداد الشفرة، وباب ذكر المنفلتة التي لا يقدر على أخذها، وباب حسن الذبح، من كتاب الضحايا. المجتبى ٧/ ٢٠٠ - ٢٠٢. وابن ماجه، في: باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٥٨. والدارمى، في: باب في حسن الذبيحة، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمي ٢/ ٨٢. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٢٣ - ١٢٥.
(٥٢) سورة الإسراء ٣٣.
(٥٣) في م: "فإن".
(٥٤) أخرجه البخاري، في: باب كتابة العلم، من كتاب العلم. صحيح البخاري ١/ ٣٩. ومسلم، في: باب تحريم مكة. . ., من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٨٨، ٩٨٩. وأبو داود، في: باب ولى العمد يرضى كالدية، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٤/ ٤٨٠، ٤٨١. والترمذي، في: باب ما جاء في حكم ولى القتيل في القصاص والعفو، من أبواب الديات. عارضة الأحوذى ٦/ ١٧٧، ١٧٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٢، ٦/ ٣٨٥. وتقدم تخريج حديث حجة الوداع في: ٥/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>