للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَطاءٌ، والحسنُ، والزُّهْرِىُّ، ومالكٌ. وقال القاضي، وأصحابُ الشافعىِّ: ليس في كَسْرِ الصُّلْبِ دِيَةٌ؛ إلَّا أنْ يذْهبَ مَشْيُه أو جِماعُه، فتجبُ الدِّيَةُ لتلك المَنْفَعةِ؛ لأنَّه عضْوٌ لم تذْهَبْ مَنْفَعتُه، فلم تجبْ فيه دِيَةٌ كاملةٌ، كسائرِ الأعْضاءِ. ولَنا، الخبرُ، ولأنَّه عُضْوٌ ليس في البَدَنِ مثلُه، فيه جمالٌ ومَنْفعةٌ، فوجَبتِ الدِّيَةُ فيه بمُفْرَدِه، كالأنْفِ. وإنْ ذهبَ مَشْيُه بكسرِ صُلْبِه، ففيه الدِّيَةٌ في قولِ الجميع. ولا يجبُ أكثرُ من دِيَةٍ؛ لأنَّها مَنْفَعةٌ تَلْزَمُ كَسْرَ الصُّلْبِ غالبًا، فأشْبَهَ ما لو قطَع رِجْلَيْه. وإنْ لم يذهبْ مَشْيُه، لكن ذهَبَ جِماعُه، ففيه (٥) الدِّيَةُ أيضًا. رُوى ذلك عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه (٦)؛ لأنَّه نَفْعٌ مَقْصودٌ، فأشْبَهَ ذَهابَ مَشْيِه. وإن ذهب جماعُه ومَشْيُه، وجبَتْ دِيَتانِ، في ظاهرِ كلام أحمدَ، رحمَه اللهُ، في رواية ابنهِ عبدِ اللَّه؛ لأنَّهما مَنْفَعتان تجِبُ الدِّيَةُ بذَهابِ كلِّ واحدةٍ منْهُما مُنْفَرِدةً، فإذا اجْتمعَتا وجَبتْ دِيَتانِ، كالسَّمعِ والبصَرِ. وعن أحمدَ: فيهما دِيَةٌ واحدةٌ؛ لأنَّهما نَفْعُ عُضوٍ واحدٍ، فلم يجبْ فيهما (٧) أكثرُ من دِيَةٍ واحدةٍ، كما لو قَطَعَ لسانَه فذهب كلامُه وذوقُه. وإنْ جَبَرَ صُلْبُه، فعادتْ إحْدَى المَنْفعتَيْنِ دُونَ الأُخْرَى، لم يجبْ [إلَّا دِيَةٌ] (٨)، إلَّا أنْ تنْقُصَ الأُخْرَى، فتجبَ حُكومةٌ لنَقْصِها، أو تَنْقُصَ مِن جهَةٍ أُخْرَى، فيكونَ فيه حُكومةٌ لذلك. وإنْ ادَّعَى ذهابَ جمَاعِه، وقال رجلان من أهل الخِبْرةِ: إنَّ مثْلَ هذه الجنايةِ يَذْهَبُ بالجماعِ. فالقول قولُ المَجْنِىِّ عليه مع يَمِينِه؛ لأنَّه لا يُتَوَصَّلُ إلى معرفةِ ذلك إلَّا من (٩) جِهَتِه. وإنْ كَسَرَ صُلْبَه، فشَلَّ ذكَرُه، اقْتَضَى كلامُ أحمدَ، وُجوبَ دِيَتَيْنِ؛ لكَسْرِ الصُّلبِ واحدةٌ، وللذَّكَرِ أخْرَى. وفى قولِ القاضي، ومذهبِ الشافعىِّ، يجبُ في الذَّكرِ دِيَةٌ، وحُكومةٌ لكَسْرِ الصُّلبِ. وإن أَشلَّ رِجْلَيْهِ، ففيهما دِيَةٌ أيضًا. وإنْ أذْهبَ ماءَه دُونَ جِماعِه، احْتَمَلَ وُجوبَ الدِّيَةِ. وهذا يُرْوَى عن


(٥) في م: "فيه".
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الصلب كم فيه، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٢٣١.
(٧) في ب، م: "فيها".
(٨) سقط من: ب.
(٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>