للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُقدَّرُ في أقلَّ منها، وهي التي تَصِلُ إلى العَظْمِ، سُمِّيَتْ مُوضِحَةً؛ لأنَّها أبدَتْ وَضَحَ العَظْمِ، وهو بَياضُه. وأجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ أرْشَها مُقَدَّرٌ. قالَه ابنُ المنذرِ. وفي كتابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمْرو بن حَزْمٍ: "وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبلِ" (٢). [ورُوِيَ عن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "في الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ"] (٣). روَاه أبو داودَ، والنَّسائيُّ، والتِّرمِذيُّ (٤)، وقال: حديثٌ حَسنٌ. وقولُ الْخِرَقِيِّ: فِي مُوضِحَةِ الحُرِّ. يَحْتَرِزُ به من مُوضِحَةِ العَبْدِ. وقوله: سَواءٌ كانَ من رَجُلٍ أو امرأةٍ. يعني أنَّهما لا يَخْتلفانِ في أرْشِ المُوضِحَةِ؛ لأنَّها دُونَ ثُلثِ الدِّيَةِ، وهما يسْتويَانِ فيما دونَ الثُّلثِ، ويخْتلِفان فيما زَادَ. وعندَ الشافعيِّ أنَّ مُوضِحَةَ المرأةِ على النِّصْفِ مِن مُوضِحَةِ الرجلِ، بِناءً على أنَّ جِراحَ المرأةِ على النِّصفِ مِن (٥) جِرَاحِ الرَّجُلِ في الكثيرِ والقليل. وسنذْكرُ ذلك في مَوْضِعِه، إن شاءَ اللهُ تعالى. وعُمومُ الحديثِ الذي رَويْناه ههُنا حُجَّةٌ عليه، وفيه كِفايةٌ. أكثرُ أهلِ العلمِ على أنَّ المُوضِحَةَ في الرَّأْسِ والوجهِ سَواءٌ. رُوِى ذلك عن أبي بكرٍ، وعمرَ، رَضِيَ اللَّه عنهما. وبه قال شَريْحٌ، ومَكْحُولٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والزُّهْريُّ، ورَبِيعةُ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ الحسنِ (٦)، وأبو حنيفةَ، والشَّافعيُّ، وإسحاقُ. ورُوِيَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، أنَّه قال: تُضَعَّفُ مُوضِحَةُ الوَجْهِ على مُوضِحةِ الرَّأْسِ، فيجبُ في مُوضِحَةِ الوَجْهِ عَشْرٌ منَ الإِبلِ؛ لأنَّ شَيْنَها أكثرُ. وذكرَهُ الْقاضي رِوايةً عن أحمدَ. ومُوضِحةُ الرأسِ يسْتُرُها الشَّعَرُ والعِمامةُ.


(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه أبو داود، في: باب ديات الأعضاء، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٩٦. والترمذي، في: باب ما جاء في الموضحة، من أبواب الديات. عارضة الأحوذي ٦/ ١٦٤. والنسائي، في: باب المواضح، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٥١.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الموضحة، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨٦.
(٥) سقط من: م.
(٦) عبيد اللَّه بن الحسن بن الحصين العنبرى، تقدم في: ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>