للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيدِ بنِ المُسَيَّب. وقال آخرون: ما أُصِيبَ به العبدُ فهو على ما نَقَصَ من قِيمَتِه. والظَّاهرُ أن هذا لو كان قولَ عليٍّ لَما احْتَجَّ أحمدُ فيه إلَّا به دُونَ غيرِه. إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ والثَّوْرِيَّ قالا: ما أوْجَبَ الدِّيَةَ من (٤) الحُرِّ، يتَخيَّرُ سَيِّدُ العبدِ فيه، بين أنْ يُغْرِمَه قِيمَتَه، ويصيرَ مِلْكًا للجاني، وبينَ أنْ لا يُضَمِّنَه شيئًا، لِئلَّا يُؤَدِّىَ إلى اجْتماعِ البَدَلِ والمُبْدَلِ لرجلٍ واحدٍ. ورُوِيَ عن إياس بن مُعاويةَ، في مَن قطَعَ يَدَ عبدٍ عَمدًا، أو فَقَأَ عَيْنَه، هو له، وعليه ثَمَنُه. ووَجْهُ هذه الرِّوايةِ، قولُ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، ولم نَعْرِفْ له في الصَّحابةِ مُخالِفًا، ولأنَّه آدَمِيٌّ يُضْمَنُ بالْقِصاصِ والكَفَّارةِ، فكانَ في أطْرافِه مُقَدَّرٌ كالْحُرِّ، ولأنَّ أطْرافَه فيها مُقَدَّرٌ من الحُرِّ، فكان فيها مُقَدَّرٌ من العبدِ، كالشِّجاج الأرْبعِ عندَ مالكٍ، وما وجبَ في شِجاجِه مُقَدَّرٌ، وجبَ في أطْرافِه مُقَدَّرٌ (٥) كالحُرِّ. وعلى أبي حنيفةَ، قولُ عليٍّ، وأنَّ (٦) هذه الأعْضاءَ فيها مُقَدَّرٌ، فوجبَ ذلك فيها مع بَقاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ في العبدِ، كاليَدِ الواحدةِ، وسائرِ الأعضاءِ، ولأنَّ مَن ضُمِنَتْ يَدُه بمُقَدَّرٍ، ضُمِنَت يَداهُ بمِثْلَيْه، من غيرِ أنْ يَمْلِكَه، كالحُرِّ. وقولُهم: إنَّه اجْتَمعَ البدلُ والمبْدَلُ لواحدٍ. ليس (٧) بصحيحٍ؛ لأنَّ القِيمَةَ ههُنا بَدَلُ العُضْوِ وَحْدَه، ولو كان بدَلًا عن الجُمْلةِ، لَكان بدلُ اليَد الواحدةِ بَدَلًا عن نِصْفِه، وبدَلُ تِسْعِ أصابِعَ بدَلًا عن (٨) تسعةِ أعْشارهِ، والأمرُ بخلافِه. والأمَةُ مثْلُ العبدِ في ذلك، إلَّا أنَّها تُشَبَّهُ بالحُرَّةِ، وإذا (٩) بلَغتْ ثُلثَ قِيمَتِها، احْتَمَلَ أنَّ جنايتَها تُرَدُّ إلى النِّصفِ، فيكونُ في ثلاثِ أصابعَ ثلاثةُ أعْشارِ قِيمَتِها، وفي أربعةِ أصابعَ خُمْسُها، كما أنَّ المرأةَ تُساوِي الرجلَ في الجِرَاحِ إلى ثُلثِ


(٤) في ب: "في".
(٥) في م: "مقدار". خطأ.
(٦) في م: "ولأن".
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) في ب، م: "من".
(٩) سقطت الواو من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>