للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِ الْخِرَقِيِّ، واختيارُ ابنِ حامدٍ، وقولُ الشافعيّ؛ لأنَّها يَمِينٌ في دَعْوَى حقٍّ، فلا تُشْرَعُ في حقِّ غيرِ المُتَداعِيَيْنِ، كسائرِ الأيْمانِ. فعلَى هذه الرِّوايةِ، تُقْسَمُ بين الوَرَثةِ من الرِّجالِ من ذَوِى الفُروض والعَصَباتِ على قَدْرِ إرْثِهم، فإن انْقَسمتْ من غيرِ كَسْر، مثل أنْ يخلفَ المقتولُ اثْنَيْنِ، أو أخًا وزَوْجًا، حلفَ كلُّ واحدٍ منهم خمسةً وعشرين يَمِينًا، وإن كانوا ثلاثةَ بَنِينَ، [أو جَدًّا وأخَوَيْن] (٣)، جُبِرَ الكَسْرُ عليهم، فَحَلَفَ كلُّ واحدٍ منهم سَبعةَ عشرَ يَمِينًا؛ لأنَّ تَكْمِيلَ الخمسين واجبٌ، ولا يُمْكِنُ تَبْعِيضُ اليَمِين، ولا حَمْلُ بعضِهم لها عن بَعْضٍ، فوجبَ تكْميلُ اليَمِينِ المُنْكَسِرةِ في حقِّ كلِّ واحدٍ منهم. وإن خَلَفَ أخًا من أبٍ وأخًا من أُمٍّ، فعلَى الأخ من الأُمِّ سُدُسُ الأيْمانِ، ثم يُجْبَرُ الكَسْرُ، فيكونُ عليه تسعُ أيْمانٍ، وعلى الأخِ من الأبِ اثْنَتان وأربعون. وهذا أحدُ قَوْلَيِ الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: يَحْلِفُ كلُّ واحدٍ من المُدَّعِين خمسينَ يمينًا، سواءٌ تَساوَوْا في الميراثِ أو اختَلفُوا (٤) فيه؛ لأنَّ ما حَلَفَه الواحدُ إذا انْفَردَ، حَلَفه كلُّ واحدٍ من الجماعةِ، كاليَمِينِ الواحدةِ في سائرِ الدَّعاوَى، وعن مالكٍ، أنَّه قال: يُنْظَرُ إلى مَن عليه أكثرُ اليَمِين. فيُجْبَرُ عليه، ويَسْقطُ عن الآخَرِ. ولَنا، على أنَّ الخمسين تُقْسَمُ بينَهم، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للأنْصارِ: "تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صاحِبِكُمْ". وأكثرُ ما رُوِيَ عنه في الأيْمانِ خمسون، ولو حَلَفَ كلُّ واحدٍ خمسين، لكانتْ مائةً ومائتين، وهذا خلاف النَّصِّ؛ ولأنَّها حُجَّةٌ للمُدَّعِين (٥)، فلم تزِدْ على ما يُشْرَعُ في حقِّ الواحدِ، كالبَيِّنَةِ، ويُفارِقُ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه، فإنَّها ليستْ حُجَّةً للمُدَّعِي، ولأنَّها لم يُمْكِنْ قِسْمتُها، فَكَمَلَتْ في حقِّ كُلِّ (٦) واحدٍ؛ كاليَمِينِ المُنْكَسِرَةِ في القَسامةِ، فإنَّها تُجْبَرُ وتَكْمُلُ في حقِّ كلِّ واحدٍ؛ لكَوْنها لا تتَبعَّضُ، وما لا يتَبعَّضُ


(٣) في م: "وجدا أو أخوين".
(٤) في ب، م: "واختلفوا".
(٥) في ب: "في حق المدعين".
(٦) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>