للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرَرًا. وإنْ صدَّقَ الآخِرَين وَحْدَهما، بَطَلَتْ شَهادةُ الجميعِ، لأنَّ الأوَّلَيْنِ، بطَلتْ شَهادَتُهما لِتَكْذِيبه لهما، وَرُجُوعِه عَمَّا شَهِدا له به، والآخِرَانِ لا تُقْبَلُ شَهادَتُهما؛ لأنَّهما عَدُوَّان لِلأَوَّلَين، ولأنَّهما يَدْفَعان عن أنفُسِهما ضَرَرًا، وإن صَدَّقَ الجميعَ، بطَلَتْ شَهادَتُهم أيضًا؛ لأنَّه بتَصْديقِ الأوَّلَيْن مُكَذِّبٌ لِلآخِرَيْنِ، وتَصْدِيقُه لِلآخِرَيْن تَكْذِيبٌ لِلأَوَّلَيْنِ، وهما مُتَّهمانِ، لما ذَكَرْناه. فإنْ قيل: فكيف (٣١) تُتَصَوَّرُ هذه المسألة، والشهادةُ إنَّما تَكُونُ بعدَ الدَّعْوَى، فكيفَ يُتَصَوَّرُ فَرْضُ تَصْدِيقِهم وتَكْذِيبهِم؟ قُلْنا: قد يُتَصَوَّرُ أنْ يَشْهدُوا قبلَ الدَّعْوَى، إذا لم يَعْلَمِ الوَلِيُّ مَن قَتَله؛ ولهذا رُوِيَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "خَيْرُ الشُّهَدَاءِ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهادَتِه قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَها" (٣٢). وهذا مَعْنى ذلك.


(٣١) في ب، م: "كيف".
(٣٢) أخرجه مسلم، في: باب بيان خير الشهود، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم ٣/ ١٣٤٤. وأبو داود، في: باب في الشهادات، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٧٣. والترمذي، في: باب ما جاء في الشهداء أيهم خير، من أبواب الشهادات. عارضة الأحوذي ٩/ ١٦٩، ١٧٠. رابن ماجه، في: باب الرجل عنده الشهادة لا يعلم. . ., من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٢. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الشهادات، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٢٠. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١١٥، ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>