للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدَّ انْتفَى عن الوَاطِىءِ لشُبْهَةِ المِلْكِ، فيَنْتَفِى عن المَوْطُوءَةِ، كوطْءِ الجارِيَةِ المشْترَكَةِ؛ ولأنَّ المِلْكَ من قَبِيلِ المُتضَايِفَاتِ، إذا ثبتَ في أحدِ المُتضايِفَيْنِ ثبتَ في الآخَرِ، فكذلك شُبْهَتُه، ولا يَصِحُّ القِياسُ على وَطْءِ جارِيَةِ الأبِ؛ [لأنَّه لا مِلْكَ للوَلَدِ فيها، ولا شُبْهَةَ مِلْكٍ، بخلافِ مسألتِنَا. وذكرَ ابنُ أبي موسى قولًا في وَطْءِ جارِيَةِ الأبِ] (٢٥) والأُمِّ، أنَّه لا يُحَدُّ؛ لأنَّه لا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مالِه، أشْبَهَ الأبَ. والأوَّلُ أصَحُّ، وعليه عامَّةُ أهلِ العلمِ فيما عَلِمْناه. المَوْضِعُ الثاني: إذا وَطِىءَ جاريَةَ امرأتِهِ بِإذنِها، فإنَّه يُجْلَدُ مائِةً، ولا يُرْجَمُ إن كان ثَيِّبًا، ولا يُغَرَّبُ إن كان بِكْرًا. وإن لم تكُنْ أحَلَّتْها له، فهو زانٍ، حكمُه حُكْمُ الزَّانِى بجارِيَةِ الأجْنَبِىِّ. وحُكِىَ عن النَّخَعِىِّ أنَّه يُعَزَّرُ، ولا حَدَّ عليه؛ لأنَّه يَمْلِكُ امرأتَه، فكانتْ له شُبْهَةٌ في مَمْلوكَتِها. وعن عمرَ، وعَلىٍّ، وعطاءٍ، وقَتادةَ، والشَّافِعِىِّ، ومالِكٍ، أنَّه كوَطْءِ الأجْنَبيَّةِ، سَواءٌ أحَلَّتْها له، أو لم تُحِلَّها؛ لأنَّه لا شُبْهَةَ له فيها، فأشْبَهَ وَطْءَ جارِيَةِ أُخْتِهِ، ولأنَّه إباحَةٌ لِوَطْءِ مُحَرَّمَةٍ عليه، فلم يكُنْ شُبهَةً، كإباحَةِ سائرِ المُلَّاكِ. وعن ابن مسعودٍ، والحسنِ، إن كان اسْتَكْرهَها فعليه غُرْمُ مِثْلِها، وتَعْتِقُ، وإنْ كانَتْ طاوعَتْه، فعليه غُرْمُ مِثْلِها ويَمْلِكُها؛ لأنَّ هذا يُرْوَى عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢٦)، وقد روَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ، وقال (٢٧): هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ولَنا، ما رَوَى أبو داودَ (٢٨) بإسْنادِه عن حَبِيبِ بنِ سالمٍ، أنَّ رجلًا يُقالُ له: عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُنَيْن، وقعَ على جارِيَةِ امرأتِه، فرُفِعَ إلى النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ، وهو أمِيرٌ على الكُوفَةِ، فقال: لأَقْضِيَنَّ


(٢٥) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٦) في الأصل، ب زيادة: "ابن عبد البر".
(٢٧) أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يزنى بجارية امرأته، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٦٧. والبيهقي، في: باب ما جاء في من أتى جارية امرأته، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٤٠.
(٢٨) أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يزنى بجارية امرأته، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٦٧. والترمذي، في: باب ما جاء في الرجل يقع على جارية امرأته، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٣٢. والنسائي، في: باب إحلال الفرج، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ١٠١. وابن ماجه، في: باب من وقع على جارية امرأته، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٣. والدارمى، في: باب في من يقع على جارية امرأته، من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٨١، ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>