للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقِتَالِ (١١) رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُولُوا: إنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِه، ولَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ". وهذا يَدْفَعُ ما احْتَجُّوا به من قَتْلِ ابن خَطَلٍ (١٢)؛ فإنَّه من رُخْصَةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، التي مَنَعَ النَّاسَ أن يقْتَدُوا به فيها، وبَيَّنَ أنَّها له على الخصوصِ، وما رَوَوْه من الحديثِ، فهو من كلامِ عمرِو بنِ سعيدٍ الأشْدَقِ، يَرُدُّ به قولَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ رَوَى له أبو شُرَيْحٍ هذا الحديثَ، وقولُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحَقُّ أن يُتَّبَعَ. وأمَّا جَلْدُ الزَّانِى، وقطعُ السَّارِقِ، والأمرُ بالقِصَاصِ، فإنَّما هو مُطْلَقٌ في الأمْكِنَةِ والأزْمِنَةِ، فإنَّه يتناوَلُ مَكانًا غيرَ مُعَيَّنٍ، ضَرُورَةَ أنَّه لا بُدَّ من مكانٍ، فيُمْكِنُ إقامتُه في مكانٍ غيرِ الحَرَمِ، ثم لو كانَ عُمومًا، فإنَّ ما رَوَيْناه خَاصٌّ يُخَصُّ به، مع أنَّه قد خُصَّ ممَّا ذكرُوه الحامِلُ، والمريضُ المرْجُوُّ بُرْؤُه، فتأخَّرَ الحَدُّ عنه، وتأخَّرَ قتلُ الحامِلِ، فجازَ أن يُخَصَّ أيضًا بما ذكرْنَاه. والقياسُ على الكلب العقُورِ غيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ ذلك طبعُه الأذَى، فلم يُحَرِّمْه الحَرَمُ ليُدْفَعَ أذاه عن أهلِه، فأمَّا الآدَمِىُّ (١٣)، فالأصلُ فيه الحُرْمَةُ، وحُرْمَتُه عَظِيمَةٌ، وإنَّما أُبيحَ لعارضٍ، فأشْبَهَ الصائِلَ من الحيواناتِ المباحَةِ من المأكولاتِ، فإنَّ الحَرَمَ يَعْصِمُها. إذا ثبتَ هذا، فإنَّه لا يبايَعُ ولا يُشارَى ولا يُطْعَمُ ولا يُؤْوَى، ويُقالُ له: اتَّقِ اللهَ واخْرُجْ إلى الحِلِّ؛ ليُسْتَوْفَى منك الحَقُ الذي قِبَلَكَ. فإذا خرجَ اسْتُوفِىَ حَقُّ اللَّه منه. وهذا (١٤) قولُ جميعِ من ذكرْناه. وإنَّما كان كذلك؛ لأنَّه لو أُطْعِمَ أو أُوِىَ (١٥)، لَتَمَكَّنَ من الإِقامَةِ دائما، فَيَضِيعَ الحَقُّ الذي عليه، وإذا مُنِعَ من ذلك، كان وسيلةً إلى خُروجِه، فيُقامُ فيه حَقُّ اللَّه تعالى. وليس علينا إطْعامُه، كما أنَّ الصَّيْدَ لا يُصادُ في الحَرَمِ، وليس علينا القِيامُ به. قال ابن عباسٍ، رحمه اللهُ: مَن أصابَ حَدًّا، ثم لجأَ إلى الحَرَمِ، فإنَّه لا


(١١) في الأصل: "بقتال".
(١٢) في ب، م: "حنظل" خطأ.
(١٣) في ب، م: "الأذى" خطأ.
(١٤) في م: "وهو".
(١٥) في ب، م: "وأوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>