للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَرِينِ (٥٩)، فَفِيهِ القَطْعُ إذا بَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ". روَاه أبو داود، وابنُ ماجَه، وغيرُهما (٦٠). وهذا الخبرُ يَخُصُّ الآيةَ، كما خَصَصْنَاها في اعْتبارِ النِّصَابِ. إذا ثَبَتَ اعْتبارُ الحِرْزِ، والحِرْزُ ما عُدَّ حِرْزًا في العُرْفِ، فإنَّه لمَّا ثَبَتَ اعتبارُه في الشَّرْعِ من غيرِ تَنْصِيصٍ على بيانِهِ، عُلِمَ أنَّه رَدَّ (٦١) ذلك إلى أهلِ العُرْفِ، لأنَّه لا طريقَ إلى معرفَتِه إلَّا مِن جِهَتِه، فيُرْجَعُ إليه، كما رَجَعْنَا إليه في معرفَةِ القَبْضِ والفُرْقَةِ في البيعِ، ؤاشْباهِ ذلك. إذا ثبتَ هذا، فإنَّ مِن حِرْزِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والجواهِرِ الصَّنَادِيقُ تحتَ الأغْلَاقِ والأقْفالِ الوَثِيقةِ في العُمْرانِ، وحِرْزُ الثِّيَابِ، وما خَفَّ من المتاعِ، كالصُّفْرِ والنُّحَاسِ والرَّصاصِ، في الدَّكاكينِ، والبيوتِ الْمُقْفَلَةِ في العُمْرَانِ، أو يكونُ فيها حافظٌ، فيكون حِرْزًا، وإن كانَتْ مفتوحةً. وإن لم تكنْ مُغْلَقةً، ولا فيها حافظٌ، فليستْ بحِرْزٍ. وإن كانتْ فيها خَزَائِنُ مُغْلَقَةٌ، فالخزائنُ حِرْزٌ لما فيها، وما خَرَجَ عنها فليس بمُحْرَزٍ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، في البيتِ الذي ليس عليه غَلقٌ، يَسْرِقُ منه: أرَاهُ سارِقًا. وهذا محمولٌ على أنَّ أهلَه فيه، فأمَّا البُيُوتُ التي في البساتينِ أو الطُّرُقِ أو الصَّحْرَاءِ، فإن لم يكن فيها أحَدٌ، فليستْ حِرْزًا، سواءٌ كانت مُغْلَقَةً أو مفتوحةً؛ لأنَّ من تَرَكَ مَتَاعَه في مكانٍ خالٍ من الناسِ والعُمْرانِ، وانصرفَ عنه، لا يُعَدُّ حافِظًا له، وإن أغْلَقَ عليه. وإن كان فيها أهلُها أو حافِظٌ، فهى حِرْزٌ، سواءٌ كانتْ مُغْلَقَةً أو مَفْتُوحَةً. وإذا كان لاِبسًا للثَّوبِ، أو مُتوسِّدًا له، نائما، أو مستيقِظًا، أو مفتَرِشًا له، أو مُتكِئًا عليه، في أىِّ مَوْضعٍ كان من البلدِ، أو بَرِّيَّةٍ، فهو مُحْرَزٌ؛ بدليلِ أن رِدَاءَ صَفْوانَ سُرِقَ وهو مُتَوَسِّدٌ له، فقَطَعَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سارِقَه (٦٢). وإن تدَحْرَجَ عن الثَّوبِ، زالَ الحِرْزُ إن كان نائِمًا، وإن كان


(٥٩) في الأصل، ب: "الجران". وفي م: "الخزائن". والمثبت من مصادر التخريج.
(٦٠) هو الذي تقدم تخريجه في حاشية ٥٠، واللفظ هنا لابن ماجه.
(٦١) سقط من: م.
(٦٢) أخرجه أبو داود، في: باب في من سرق من حِرْزٍ، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٠. والنسائي، في: باب ما يكون حرزا وما لا يكون، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٦١، ٦٢. وابن ماجه، في: باب من سرق من الحرز، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٤٦٥، ٤٦٦. والدارمى، في: باب السارق يوهب منه =

<<  <  ج: ص:  >  >>