للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِى إذَا افْتَتَحَ الصلاةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فيَذْكُرُنِى عَبْدِى". قُلْنا: ابْنُ سَمْعانَ مَتْرُوكُ الحديثِ، لا يُحْتَجُّ بِهِ. قالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (٢٢). واتِّفَاقُ الرُّوَاةِ على خِلَافِ رِوَايَتِهِ أوْلَى بِالصَّوَابِ. وَرُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قالَ: "سُورَةٌ هِىَ ثَلَاثُونَ آيةً، شَفَعَتْ لِقَارِئِهَا، أَلَا وَهِىَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (٢٣) ". وهى ثَلَاثُونَ آيةً سِوَى {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وأجْمعَ الناسُ على أنَّ سُورَةَ الكَوْثَرِ ثَلَاثُ آياتٍ، بِدُونِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ولو كانتْ منها لَكانتْ أرْبَعًا، ولأنَّ مَوَاضِعَ الآىِ تَجْرِى مَجْرَى الآى أنْفُسِها، في أنَّها لا تَثْبُتُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ، ولم يُنقَلْ في ذلك تَوَاتُرٌ (٢٤). فأمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلمةَ فمِن رَأْيها، ولا يُنْكَرُ الاختلافُ في ذلك. على أَنَّنَا نقولُ: هي آيَةٌ مُفْرَدَةٌ للْفَصْلِ بين السُّوَرِ. وحديثُ أبي هُرَيْرَةَ موقُوفٌ عليهِ، فَإنّه مِنْ رِوايَةِ أبي بكرٍ الحَنَفِيِّ، عن عبد الحميد بن جعفَرٍ، عن نُوحِ بنِ أبي بلالٍ، (٢٥) قال أبو بكْر: [رَاجَعْتُ فيه نُوحًا، فَوَقَفَه] (٢٦). وهذا يَدُلُّ على أَنَّ رَفْعَهُ كان وَهَمًا مِن عبد الحميد. وأَمَّا إثْبَاتُها بين السُّوَرِ في المُصْحَفِ، فللْفَصْلِ بينها، ولذلكَ أُفْرِدَتْ سَطْرًا على حِدَتِها (٢٧).


(٢٢) في الموضع السابق في التعليق السابق.
(٢٣) أخرجه أبو داود، في: باب في عدد الآى، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٣٢٤. والترمذي، في: باب ما جاء في فضل سورة الملك، من أبواب ثواب القرآن. عارضة الأحوذى ١١/ ٢٠، ٢١. وابن ماجه، في: باب ثواب القرآن، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢٤٤. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٩٩، ٣٢١. وقال السيوطي: أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الضريس، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة. الدر المنثور ٦/ ٢٤٦. ومراده بالنسائى، أي في سننه الكبير وفى عمل اليوم والليلة، كما جاء في تحفة الأحوذى ١٠/ ١٢٩.
(٢٤) في حاشية م: هذا غلط وقع فيه كثيرون. فقد اتفق علها القراء السبعة، وقراءتهم متواترة. ورسم المصحف دليل علمى على التواتر. كما قال العضد، بل هو أقوى من الرواية القولية.
(٢٥) في م زيادة: "قال".
(٢٦) في سنن الدارقطني ١/ ٣١٢: "ثم لقيت نوحا، فحدثنى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى بمثله، ولم يرفعه".
(٢٧) في حاشية م: مسألة الفصل لا ترد على سورة الفاتحة. كما تقدم لنا. ورد هذا الرأى أيضًا بسورة براءة "التوبة" فلم يفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة. وذكروا أن سبب نزولها معها: أنها نزلت بالسيف والعقوبة، لا بالرحمة. وإفرادها بسطر لا يدل على شيء. وكتبه محمد رشيد رضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>