للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرْداءِ (٤). وبه قال إسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقد رَوَيْنا أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للسَّارق: "مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ". وقال لماعِزٍ: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أو لَمَسْتَ" (٥). وعن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أن رجلًا أقرَّ عندَه بالسَّرِقَةِ، فانْتهرَه. ورُوِىَ أنَّه طَردَه. ورُوِىَ أنَّه رَدَّه (٦). ولا بَأْسَ بالشَّفاعةِ في السَّارِقِ ما لم يبلُغِ الإِمامَ، فإنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "تَعافَوُا الْحُدُودَ (٧) فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلغَنِى مِنْ حَدٍّ وَجَبَ" (٨). وقال الزُّبَيْرُ بنُ العوَّامِ في الشَّفَاعَةِ في الْحَدِّ: يفعلُ ذلك دُونَ السُّلطانِ، فإذا بلغَ الإِمامَ، فلا أعْفاهُ اللَّه إن أعْفاهُ (٩). ومِمَّن رأى ذلك الزُّبَيْرُ، وعَمَّارٌ، وابنُ عَبَّاسٍ وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والزُّهْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ. وقال مالِكٌ: إن لم يُعْرَفْ بِشَرٍّ، فلا بأْسَ أن يشْفَعَ له، ما لم يَبْلُغِ الإِمامَ، وأمَّا من عُرِفَ بِشَرٍّ وفسادٍ، فلا أُحِبُّ أن يشْفَعَ له أحَدٌ، ولكنْ يُتْرَكُ حتى يُقامَ الحَدُّ عليه. وأجمعُوا على أنَّه إذا بَلَغَ الإِمامَ لم تَجُزِ الشَّفَاعَةُ فيه؛ لأنَّ ذلك إسْقاطُ حَقٍّ وجَبَ للَّه تعالى، وقد غَضِبَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ شَفَعَ أُسامةُ في المَخْزُومِيَّةِ التي سَرَقَتْ، وقال: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعالَى! " (١٠). وقال ابنُ عمرَ: مَن حالَتْ شفاعتُه دونَ حَدٍّ من حُدودِ اللهِ، فقد ضادَّ اللهَ في حُكْمِه (١١).


(٤) انظر أبواب التخريج السابق.
(٥) تقدم تخريجه، في صفحة ١٥٩.
(٦) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٦٥.
(٧) أي: تجاوزوا عنها، ولا ترفعوها إلى.
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان، من كناب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٦. والنسائي، في: باب ما يكون حرزا، وما لا يكون، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٦٣.
(٩) أخرجه الإِمام مالك، في: باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان، من كتاب الحدود، الموطأ ٢/ ٨٣٤. والبيهقي، في: باب ما جاء في الشفاعة بالحدود، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى ٨/ ٣٣٣. وعبد الرزاق، في: باب ستر المسلم، من كتاب اللقطة. المصنف ١٠/ ٢٢٦. وابن أبي شيبة، في: باب ما جاء في التشفع للسارق، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٤٦٥.
(١٠) تقدم تخريجه، في صفحة ٤١٧.
(١١) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما جاء في التشفع للسارق، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٤٦٦.
كما أخرجه مرفوعًا، أبو داود، في: باب في من يعين على خصومة. . .، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٧٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٧٠، ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>