للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصْلَحَةَ فيه (٣)، وإنَّما يجوزُ للإِمامِ فِعْلُ ما فيه المَصْلَحَةُ. وحُكِىَ عن الحَسَن، وعَطاءٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْر، كَراهَةُ قَتْلِ الأَسْرَى. وقالوا: لو مَنَّ عليه أو فَاداهُ كما صُنِعَ بأُسَارَى بَدْرٍ. ولأنَّ اللهَ تعالَى قال: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (٤). فخيَّرَ بَعدَ الأسْرِ بينَ هذين لا غيرُ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: إنْ شاءَ ضربَ أعْناقَهُم، وإنْ شاءَ اسْتَرَقَهُم، لا غيرُ، ولا يَجوزُ مَنٌّ ولا فِداءٌ؛ لأنَّ اللَّه تعالَى قال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٥). بعدَ قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}. وكان عمرُ بن عبدِ العزيز، وعِياضُ بن عُقْبَة، يَقْتُلان الأُسارَى. ولنا، على جَوازِ المَنِّ والفِداءِ قولُ اللَّه تعالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}. وأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنَّ على ثُمامَةَ بن أُثالٍ (٦)، وأبى عَزَّةَ الشاعرِ (٧)، وأبى العاص بن الرَّبِيعِ (٨)، وقال في أُسارَى بدرٍ: "لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا، ثُمَّ سَأَلَنِى فِي هؤُلَاءِ النَّتْنَى، لأَطْلَقْتُهم لَهُ" (٩). وفادَى أُسارَى بدرٍ، وكانُوا


(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سورة محمد ٤.
(٥) سورة التوبة ٥.
(٦) أخرج حديث ثمامة، البخاري، في: باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، وباب دخول المشرك المسجد، من كتاب الصلاة، وفى: باب وفد بنى حيفة وحديث ثمامة بن أثال، من كتاب المغازى، صحيح البخاري ١/ ١٢٥، ١٢٧، ٥/ ٢١٤، ٢١٥. ومسلم، في: باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٨٦. وأبو داود، في: باب في الأسير يوثق، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٥٢. والنسائي مختصرا، في: باب تقديم غسل الكافر إذا أراد أن يسلم، من كتاب الطهارة. وفى: باب ربط الأسير بسارية المسجد، من كتاب الصلاة. المجتبى ١/ ٩١، ٩٢، ٢/ ٣٦. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ٦٥، ٦٦.
(٧) سيأتي في الصفحة التالية أنه قتله يوم أحد، وأخرجه البيهقي، في: الباب السابق. السنن الكبرى ٩/ ٦٥. وذكر الواقدى قصته، في: المغازى ١/ ١١٠، ١١١، ١٤٢، ٢٠١، ٣٠٨، ٣٠٩.
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب في فداء الأسير بالمال، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود، ٢/ ٥٦، ٥٧.
(٩) أخرجه البخاري، في: باب ما مَنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الأسارى من غير أن يخمس، من كتاب فرض الخمس. صحيح البخاري ٤/ ١١١. أبو داود، في: باب في المن على الأسير بغير فداء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٥٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٨٠. وعبد الرزاق، في: باب قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى، من كتاب الجهاد. المصنف ٢/ ٢٠٩. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>