للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركون من المسلمين، ثم ظهرَ المسلمون عليهم بعدُ. قال: مَنْ وَجَدَ مالَه بعَيْنِه، فهو أحَقُّ به، ما لم يُقْسَمْ. رواه سعيدٌ، والأَثْرَمُ (٥). فأمَّا ما أدرَكَه بعدَ أنْ قُسِمَ، ففيه روايتان؛ إحداهُما، أنَّ صاحِبَه أحقُّ به، بِالثَّمَنِ الذى حُسِبَ (٦) على مَنْ أَخَذَه، وكذلك إنْ بِيعَ ثم قُسِمَ ثمنُه، فهو أحقُّ به بالثمنِ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، ومالكٍ؛ لما روَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ رجُلًا وجَدَ بعيرًا له كان المشرِكون أصابُوه، فقال له النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنْ أصَبْتَهُ قَبْلَ أنْ نَقْسِمَهُ، فَهُوَ لَكَ، وَإنْ أصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ، أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ" (٧). ولأنَّه إنَّما امْتَنَعَ أخْذُه له بغيرِ شىءٍ كيْلا يُفْضِىَ إلى حِرْمانِ أخْذِه من الغَنيمَةِ، أو يَضِيعَ الثَّمَنُ على المُشْتَرِى، وحقُّهُما ينْجَبِرُ بالثَّمَنِ، فيَرْجِعُ صاحبُ المالِ فى عَيْنِ مالِه، بمنزلةِ مُشْتَرى الشِّقْصِ المشْفُوعِ. إلَّا أنَّ المَحْكِىَّ عن مالِك وأبى حَنِيفَةَ، أنَّه يأخُذُه بالقِيمَةِ. ويُرْوَى عن مُجاهِدٍ مثلُه. والرِّوايةُ الثانيةُ عن أحمدَ، أنَّه إذا قُسِمَ فلا حَقَّ له فيه بحالٍ. نَصَّ عليه، فى روايةِ أبى داودَ وغيرِه. وهو (٨) قولُ عمرَ، وعلىٍّ، وَسَلْمانَ بن ربيعةَ، وعَطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، واللَّيْثِ. قال أحمدُ: أمَّا قولُ مَن قال: هو أحَقُّ به (٩) بالقيمَةِ. فهو قولٌ ضعيفٌ عن مُجاهِد. وقال الشافِعِىُّ: يأْخُذُه صاحِبُه قبلَ القِسْمَةِ وبَعْدَها، ويُعْطَى مُشْتَرِيه ثَمنَه من خُمسِ الْمَصالحِ؛ لأنَّه لم يزُلْ عن مِلْكِ صاحِبِه، فوَجَبَ أنْ يستَحِقَّ أخْذَه بغيرِ شىءٍ، كما قبلَ القِسْمَةِ، ويُعْطىَ مَنْ حُسِبَ عليه القيمةَ؛ لئلَّا يُفْضِىَ إلى حِرْمانِ آخِذِه حَقَّه من الغنيمةِ، وجُعِلَ من سَهْمِ الْمَصالِح؛ لأنَّ هذا منها. وهذا قولُ ابنِ المُنْذِرِ. ولَنا، ما رُوِىَ أنَّ عمَرَ، رضِىَ اللَّه عنه، كتَبَ إلى السَّائبِ: أيُّما رجُلٍ من المسلمين أصابَ رَقِيقَه ومَتاعه بعيْنِه، فهو أحَقُّ بِه من غيرِه، وإن أصابَه فى أيْدِى التُّجَّارِ بعدَ ما اقْتُسِمَ، فلا سبيلَ (١٠) إليه. وقال سلمانُ بنُ


(٥) أخرجه سعيد، فى: باب ما أحرزه المشركون من المسلمين. . .، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٨٧، ٢٨٨.
كما أخرجه البيهقي، فى: باب من فرق بين وجوده قبل القسم. . .، وما جاء فيما اشترى من أيدى العدو، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ١١٢.
(٦) فى أ، ب، م زيادة: "به".
(٧) أخرجه الدارقطنى، فى: كتاب السير. سنن الدارقطنى ٤/ ١١٤، ١١٥. والبيهقي، فى الباب السابق. السنن الكبرى ٩/ ١١١.
(٨) فى ب: "وهذا".
(٩) سقط من: الأصل، م.
(١٠) فى م زيادة: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>