للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى عَطِيَّةُ القُرَظِىُّ، قال: كُنْتُ، مِنْ سَبْى (٨) قُرَيْظَةَ، فكانُوا ينْظُرُون، فمَنْ أَنْبَتَ الشَّعَرَ قُتِلَ، ومَنْ لم يُئبِتْ لم يُقْتَلْ، فكُنْتُ فى مَن لم يُنْبِتْ. أخْرَجَه الأَثْرَمُ، والتِّرْمِذِىُّ (٩). وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وعن كَثِيرِ بن السَّائِبِ، قال: حدثنى أبناءُ قُرَيْظَةَ، أنَّهم عُرِضُوا على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمَن كان منهم مُحْتَلِمًا أو نَبَتَتْ عانَتُه قُتِلَ، ومَنْ لا، تُرِكَ. أخْرجَه الأثْرمُ (١٠). وعن أسْلَمَ مولَى عمرَ، أَنَّ عمرَ كان يكتبُ إلى أُمراءِ الأَجْنادِ، أَنْ لا يَقْتُلُوا إِلَّا مَنْ جَرَتْ عليه الْمَواسِى، ولا يأْخُذوا الجِزْيَةَ إِلَّا مِمَّنْ جَرَت عليه الْمَواسِى (١١). وحُكِىَ عن الشافِعِىِّ، أَنَّ هذا بُلوغٌ فى حَقِّ الكُفَّارِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إلى قولِهم فى الاحْتِلْامِ، وعَدَدِ السِّنين، وليس بعلامَةٍ عليه (١٢) فى (١٣) المسلمين؛ لإِمْكانِ ذلك فيهم (١٤). ولَنا، قولُ أبى نَضْرَةَ، وعُقْبَةَ بن عامرٍ، حين اخْتُلِفَ فى بُلوغِ تَمِيمِ بن فِرَعٍ المَهْرِىِّ: انظرُوا، فإنْ كان قد أَشْعَرَ، فاقْسِمُوا له. فنَظَرَ إليه بعضُ القومِ، فإذا هو قد أَنْبَتَ، فقَسَمُوا (١٥) له (١٦). ولم يظْهَرْ خلافُ هذا، فكان إجْماعًا. ولأنَّه عَلَمٌ على البلوغِ فى حَقِّ الكافِرِ، فكان عَلَمًا عليه فى حَقِّ المُسْلِمِ، كالعَلَمَيْن الآخَرَيْنِ، ولأنَّه أمْرٌ يُلازِمُ البُلوغَ غالبًا، فكان عَلَمًا عليه، كالاحْتِلامِ. وقولُهم: إنَّه يَتَعَذَّرُ فى حَقِّ الكافِرِ مَعْرِفَةُ الاحْتِلامِ والسِّنِّ. قُلْنا: لا تَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ السِّنِّ فى الذِّمِّىِّ الناشِئِ بين المسلمين، ثمَّ تَعَذُّرُ المَعْرِفَةِ لا يُوجِبُ جَعْلَ ما ليس بعلامَةٍ علامَةً، كغيرِ الإِنْباتِ. الثالثُ، بلوغُ خمسَ عشرَةَ سنةً، لما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: عُرِضْتُ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا ابنُ أربعَ عشرَةَ سنةً، فلم يُجِزْنِى


(٨) فى أ، ب: "فى".
(٩) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٥٩٨.
(١٠) وأخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٤١.
(١١) أخرجه البيهقى، فى: باب الزيادة على الدينار بالصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ١٩٥، ١٩٦. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى قتل النساء والولدان، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٤٠. وأبو عبيد، فى: باب من تجب عليه الجزية. . .، من كتاب سنن الفىء والخمس والصدقة. . . الأموال ٣٧.
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) فى م زيادة: "حق".
(١٤) فى ب: "منهم".
(١٥) فى ب: "فقسم".
(١٦) تقدم فى صفحة ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>