للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدَهُم لو قالَ: أسْقَطْتُ حَقِّى. سَقَطَ، ولو ثَبَتَ مِلْكُه، لم يزُلْ بذلك، كالوارِثِ. ولَنا، أَنَّ له فيها شُبْهَةَ المِلْكِ، فلم يَجِبْ عليه الحَدُّ، كوَطْءِ [جارِيةٍ له فيها شِرْكٌ] (٤)، والآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بوَطْءِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ وجاريةِ ابْنِه، فنَقِيسُ عليه هذا، ومَنْعُ المِلْكِ لا يصِحُّ؛ لأنَّ مِلْكَ الكُفَّارِ قد زالَ، ولا يزُولُ إلَّا إلى مالِكٍ، ولأنَّه تَصِحُّ قِسْمَتُه، ويَمْلِكُ الْغانمون طلَبَ قِسْمَتِها، فأشْبَهَتْ مالَ الوارِثِ، وإنَّما (٥) كَثُرَ الغانمون فقَلَّ نصيبُ الواطِئِ، ولم يسْتَقِرَّ فى شىءٍ بعَيْنِه، وكان للإِمامِ تَعْيِينُ نَصِيبِ كُلِّ واحد بغيرِ اخْتِيارِه، فلذلك جازَ أَنْ يسْقُطَ بالإِسْقاطِ، بخلافِ الميراثِ، وضَعْفُ المِلْكِ لا يُخْرِجُه عن كونِه شُبْهَةً فى الحدِّ الذى يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولهذا يسْقُطُ الحَدُّ بأدْنَى شىءٍ، وإِنْ لم يكنْ حَقِيقَةَ الملْكِ فهو شُبْهَةٌ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُعَزَّرُ، ولا يبْلَغُ بالتَّعْزيرِ (٦) الحَدَّ، على ما أسْلَفْناهُ، ويُؤْخَذُ منه مَهْرُ مِثْلِها، فيُطْرَحُ فى المَقْسِمِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال القاضِى: إنَّه يسْقُطُ عنه من المَهْرِ قَدْرُ حِصَّتِه منها، ويَجِبُ عليه بَقِيَّتُه، كما لو وَطِئَ جاريةً مُشْتَرَكَةً بينَه وبينَ غيرِه. وليس بصحيحٍ، لأَنَّنَا إذا أسْقَطْنا عنه حِصَّته، وأَخَذْنا الباقِىَ فَطرَحْناه فى المَغْنَمِ، ثمَّ قَسَمْناه على الجميعِ وهو فيهم، عادَ إليه سَهْمٌ من حِصَّةِ غيرِه، ولأنَّ قَدْرَ حِصَّتِه قد لا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُه؛ لقِلَّةِ المَهْرِ وكثْرَةِ الغانمين، ثمَّ إذا أَخَذْناه، فإنْ قَسَمْناه مُفْرَدًا على مَنْ سِواهُ، لم يُمْكِنْ، وإِنْ خَلَطْناه بِبَقِيَّةِ الغَنِيمَةِ، ثمَّ قسَمْناه على الجميعِ، أخذَ سَهْمًا ممَّا ليس له فيه حَقٌّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنْ وَلَدَت منه، فالوَلَدُ حُرٌّ، يلحَقُه نَسَبُه. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وقال أبو حنيفةَ: هو رقِيقٌ، ولا (٥) يلْحَقُه نَسَبُه؛ لأنَّ الغانمين إنَّما يَمْلِكون بالقسْمَةِ، فقد صادَفَ وطؤُه غيرَ ملكِه. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ سَقَطَ فيه الحَدُّ بشُبْهَةِ المِلْكِ، فيَلْحَقُ فيه النَّسَبُ، كوَطْءِ جارَيةِ ابْنِه، وما ذَكَرُوه غيرُ مُسَلَّمٍ، ثمَّ يبْطُلُ بوَطْءِ جارِيَةِ ابْنِه. ويُفارِقُ الزِّنَى؛ فإنَّه يُوجِبُ الحَدَّ. وإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الأَمَةَ تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له فى الحالِ. وقال الشافِعِىُّ: لا تَصِيرُ أمَّ وَلَدٍ له (٧) فى الحالِ؛ لأنَّها ليستْ مِلْكًا له. فإذا مَلَكَها بعدَ


(٤) فى م: "الجارية المشتركة".
(٥) سقطت الواو من: م.
(٦) فى ب: "التعزير".
(٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>