للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْقَصُ منه. وهذا قولُ أبى حنيفَةَ، والشافِعِىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرَضَها مُقَدَّرَةً، بقولِه لمعُاذٍ: "خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ" (٣). وفَرَضَها عمرُ مُقَدَّرَةً بمَحْضَرٍ من الصحابَةِ، فلم يُنْكَرْ، فكان إجْماعًا. والثانِيَةُ، أنَّها غيرُ مُقَدّرَةٍ، بل يُرْجَعُ فيها (٤) إلى اجْتهادِ الإِمامِ فى الزِّيادَةِ والنُّقْصانِ. قال الأَثْرَمُ: قيل لأبى عبد اللَّه: فيُزادُ اليومَ فيه (٥)، ويُنْقَصُ؟ [يعنى مِن (٦) الْجِزْيَةِ. قال: نعم، يُزادُ فيه ويُنْقَصُ] (٧) على قَدْرِ طاقَتِهم، على قَدْرِ ما يرَى الإِمامُ. وذكَر أَنَّهَ زِيدَ عليهم فيما مَضَى دِرْهمانِ، فجعَلَه خمسين. قال الخَلَّالُ: العملُ فى قولِ أبى عبد اللَّه على ما رَواه الجماعَةُ، [فإِنَّه قال] (٨): لا بَأْسَ للإِمامِ أَنْ يَزِيدَ فى ذلك ويَنْقُصَ (٩) على ما روَاه عنه أصْحابُه (١٠) فى عشرةِ مَواضِعَ، فاسْتَقَرَّ قولُه على ذلك. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَمَر مُعاذًا أَنْ يأْخُذَ من كلِّ حالِمٍ دِينارًا، وصالَحَ أهلَ نَجْرانَ على ألفَىْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فى صَفَر، والنِّصْفُ فى رَجَبٍ. روَاهما أبو دَاوُدَ (١١). وعمرُ جَعَلَ الجِزْيَةَ غلى ثلاثِ طَبَقاتٍ؛ على الغَنِىِّ ثمانيةً وأربعين درهمًا، وعلى المُتوَسِّطِ أربعةً وعشرين درهمًا، وعلى الفقيرِ اثْنَىْ عشرَ درهمًا (١٢). وصالَحَ بنى تَغْلِبَ على مِثْلَىْ (١٣) ما على المسلمين من الزكاةِ (١٤). وهذا يدلُّ على أنَّها إلى رَأْى الإِمامِ، لولا ذلك


(٣) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٣٠. ومعافر: برود يمنية.
(٤) فى الأصل: "فيه".
(٥) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٦) سقط من: أ، ب، م.
(٧) سقط من: أ. نقل نظر.
(٨) فى أ، ب، م: "بأنه".
(٩) فى أ، ب زيادة: "منه".
(١٠) فى م زيادة: "عنه".
(١١) فى: باب فى أخذ الجزية، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبى داود ٢/ ١٤٩.
(١٢) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى وضع الجزية والقتال عليها، من كتاب الجهاد. المصنف ١٢/ ٢٤١. والبيهقى، فى: باب الزيادة على الدينار بالصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ١٩٦.
(١٣) فى الأصل، ب، م: "مثل".
(١٤) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>